الكلام على ( الواو ) في قوله تعالى : ولو افتدى به [1] ، وهذه شبهة ضعيفة ، إذ التزيّن ونحوه من أغراض الفصاحة ، ومعه تنتفي اللغوية ، فانظر أيها الأديب إلى موقع ( الهاء ) من قوله تعالى : ما أغنى عني ماليه . هلك عني سلطانيه [2] وأنّ هذا الحرف الزائد كيف زاد الكلام حسنا ، وأكسبه رونقا ، وكيف ينحط الكلام إذا حذفته منه ، ويذهب منه رونق الوحي الإلهي ، وبهاء المعجز النبوي . ( الواضع ) اختلفوا في واضع اللغات ، فذهبت الأشاعرة إلى أنه اللَّه تعالى ، وجماعة إلى أنه البشر ، وآخرون إلى تفاصيل [3] تجدها مفصّلة في ( الفصول ) [4] وغيره . ولا يخفى على من عرف ما ذكرناه في حقيقة الوضع ، أنّ كلّ متكلم - بأيّ لغة كانت - هو واضع حقيقة وإن جرى الاصطلاح على تخصيص الواضع بالمتعهّد الأول ، لأنه تعهّد ، والتعهد - كما عرفت - حقيقة الوضع ، ولا فرق بينه وبين الواضع الأول إلاّ التابعيّة والمتبوعيّة ، وكون تعهد الأول تفصيليّا ، والثاني إجماليّا ، فمن تعهّد بالتكلَّم بالعربية - مثلا - فقد تعهّد إجمالا بجميع ما تعهّد به سائر المتكلَّمين بها ، وينحل ذلك التعهّد إلى تعهّدات كثيرة بعدد مفردات تلك
[1] آل عمران : 91 . [2] الحاقة : 28 و 29 . [3] واعلم أنّ في تعيين الواضع ثلاثة أقوال مشهورة : الأول : ما ذهب إليه الأشعري وجماعة ، وهو أن اللَّه تعالى هو الواضع . الثاني : ما ذهب إليه أصحاب أبي هاشم ، وهو أنّ الواضع هو البشر إمّا واحدا أو أكثر . الثالث : ما ذهب إليه أبو إسحاق الأسفرائني ، وهو أنّ الواضع في القدر الضروري المحتاج إليه في الاصطلاح هو اللَّه تعالى ، وفي الباقي هو البشر . لكن الحق ما حقّقه المصنّف في هذا الكتاب ، وهو الَّذي يقبله الذوق الصحيح وأولو الألباب . ( مجد الدين ) . [4] أنظر الفصول الغروية : 23 .