وإن شئت قلت : الفرد الَّذي له جهتان تقييديّتان يكون باعتبار إحداهما مأمورا به ، وباعتبار الأخرى منهيّا عنه ، ويكون المكلَّف قادرا على امتثالهما معا ، وأن لا يسري شيء من المصلحة والمفسدة من أحد الطلبين إلى الآخر ، وأن يكون كلاّ منهما تامّا في مرحلة التكليف . فاستبان من ذلك خروج الواحد ذي جهة واحدة لأن التكليف به تكليف بالمحال ، بل تكليف محال . وكذلك [1] الجهتان إذا كانتا تعليليّتين وإن تفارقت الجهتان ، لأنّ تعدّد العلَّة لا يقضي بتعدّد المتعلَّق . وكذلك كلّ شيئين متساويين أو متلازمين ، لعدم التمكن من الامتثال وما كان بينهما عموم مطلق مع تعلَّق الأمر بالأخص أو عموما من وجه مع انحصار أفراد أحدهما في الآخر . ( اعتبار المندوحة ) واستبان أيضا اعتبار المندوحة في مورد النزاع ، كما صرّح به أكثرهم ، واعتذر في الفصول عمّن ترك التقييد به بأنه اتّكل على وضوحه [2] . وبه صرّح الأستاذ في الفوائد [3] ، ولكن عدل عنه في الكفاية ، وقال ما حاصله : إنّ المهمّ في المقام البحث عن كفاية تعدّد الجهة في دفع المحال من اجتماع الضدّين وعدمها ، ولا يتفاوت في ذلك وجود المندوحة وعدمها ، ولزوم
[1] هذا هو الاصطلاح الشائع هنا وفي كتب المعقول ، وعليه جرى الشيخ الإمام وغيره . وعن صاحب المناهج وغيره عكس ذلك وهو أنّ النزاع في الجهتين التعليليّتين خارجتان عنه ، والظاهر أن الاختلاف في مجرّد اللفظ والتسمية ، وإلاّ فالمعنى غير قابل للخلاف فيه ، فإطالة بعض أساتيذنا في بيان ذلك مما لا يترتّب عليه فائدة مهمّة . ( منه ) . [2] الفصول الغروية : 124 . [3] فوائد الأصول : 144 .