المقدّمة ، كما ذكره ، بل هو إمّا من قبيل الواجبات النفسيّة ، كقوله [ تعالى ] : لا ينالون من عدوّ نيلًا [1] إذ هو معنى الجهاد الواجب ، أو من قبيل الآثار المترتّبة على ما يصيب الإنسان من التعب والنصب . وقد ورد نظيره كثيرا فيما يصيب الإنسان من غير اختياره ، لتمحيص الذنوب ، كالأجر على الحمى ونحوها . وأما العقاب على الحرام الغيري فلا أذكر اليوم موردا له ، وإن كان فهو من باب التحريم النفسيّ لبعض مقدّمات الحرام ، نظير تحريم النّظر إلى الأجنبيّة ، والخلوة معها ، لصرف مصلحة عدم الوقوع في الزنا ، ونحو ذلك [2] . ( وجوب المقدّمة من أيّ هذه الأقسام ؟ ) وجوب المقدمة [3] يحتمل فيه وجوه ثلاثة : أوّلها : أن تكون واجبة بوجوب غيري تبعي مترشّح من الأمر النفسيّ المتعلَّق بذي المقدّمة ، فيكون في كلّ واجب له مقدّمة وجوبان يختلفان في النوع . ثانيها : أنه ليس إلاّ وجوب واحد ، إن نسب إلى المقدمة كان غيريا ، وإن نسب إلى ذيها كان نفسيّا . ثالثها [4] : وجوبها نفسا بمعنى عدم تعلَّق الأمر النفسيّ حقيقة إلاّ بها . أما الاحتمال الأوّل فهو المنسوب إلى المشهور ، ويبعّده صعوبة تصوّر أمر لا يوجد فيه شيء من خواص الأمر ولوازمه من ثواب أو عقاب ، بل وطاعة
[1] سورة التوبة : 120 . [2] الظاهر كونه معطوفا بتحريم النّظر إلى الأجنبيّة ، ويمكن أن يكون معطوفا بالزنى ، أي : وفي نحو الزنا كالقبلة . ( مجد الدين ) . [3] المراد من المقدمة في هذا المقام هو المقدمات الخارجيّة لا الداخلية . ( مجد الدين ) . [4] عليك بالتأمل في هذا الاحتمال بناء على أنّ المراد المقدّمة الخارجية . ( مجد الدين ) .