موضوع لما لم يكن ناقصاً عن خمسة عشر مثقالا ، ولم يكن زائداً على عشرين مثقالا ، فحينئذ إطلاقه على ما بين الحدّين إطلاق على معناه الحقيقي بلا عناية وتنزيل ، وإنّما التنزيل والعناية فيما إذا قلنا بأنّه موضوع - مثلا - لسبعة عشر مثقالا . وعلى هذا فالموضوع له فيها أمر منضبط معيّن يتسامح في إطلاقه على ما زاد وما نقص عنه بالمقدار الذي يتسامح ، وهذا بخلاف العبادات التي قد عرفت أنّ الصحيح منها له عرض عريض ، وأمر غير مضبوط فضلا عن الأعم من الصحيح والفاسد ، فلا يمكن تنظير العبادات بالمقادير أيضاً ، فتدبّر . هذا تمام الكلام فيما قيل في مقام إمكان تصوير الجامع بناءً على القول بالأعم ، ولكن الحقّ والإنصاف هو إمكانه ، وذلك لبداهة صحّة تقسيم الصلاة - مثلا - إلى الصحيحة والفاسدة ، وهذا التقسيم موقوف على تصوير الجامع الذي هو المقسم ، ولو قلنا بكونه معنىً مجازيّاً وأنّ التقسيم أعمّ ممّا كان المقسم حقيقة بالنسبة إلى الأقسام كما هو معنى التقسيم ، أو مجازاً بأن يكون القسم هو ما يطلق عليه هذا اللفظ أعمّ من أن يكون حقيقة أو مجازاً . وعلى أيّ حال فيما لم يتصوّر الجامع لم يصح التقسيم ، مضافاً إلى ما ارتكز في الأذهان من أنّ للعبادات صحيحة وفاسدة وفاسد الشيء ليس كلّ ما لا يترتب عليه أثر ذلك الشيء ، فإنّ الماء لا يترتّب عليه أثر الخلّ ، والحال أنّه لا يمكن أن يقال : أنّه فاسد الخلّ ، بل فاسد الشيء عبارة عمّا كان من حقيقة ذلك الشيء ، ولا يترتّب عليه أثره المرغوب عنه ، فلو لم يكن جامع بين صحيح الشيء وفاسده لما ارتكز هذا في الأذهان ، وهذا الأرتكاز كاف في إمكان تصوير الجامع ولو لم نقدر على إثباته تفصيلا والحال أنّه يمكن أن يقال في مثل الصلاة إنّها عبارة عن عنوان قصديّ كعنوان التعظيم ، وهو التذلّل والخضوع والتواضع من العبد للمولى عند حضوره لديه والتوجّه إلى حضرته ، كما في حضور العبيد الظاهرية عند مواليهم وكحضور الرعايا عند السلاطين ، وهذا العنوان القصدي لابدّ له من مظهر ، وإلاّ فمجرّد القصد بلا مظهر لا أثر له كما في التعظيم ،