مطلوبة لا يوصف بالصحّة والفساد ، بل بالوجود تارة وبالعدم أُخرى ، فهما عند الكلّ عبارة عن ما ذكرنا ، فليست للصحّة عند الفقيه معنى مغايراً للصحّة عند المتكلّم ، بل عند كليهما عبارة عن تماميّة الشيء ، لكنها تختلف بحسب الآثار المطلوبة من الشيء . فلمّا كان المطلوب من الشيء - مثل الصلاة - عند الفقيه الخروج عن عهدة التكليف فلذا عرفت الصحّة باصطلاح الفقيه بإسقاط الإعادة والقضاء ، ولمّا كان الأثر المطلوب المهمّ عند المتكلّم هو شكر المنعم وموافقة أوامره عرّفت - باصطلاح المتكلّم - بموافقة الشريعة فهي عند الكلّ بمعنى واحد ، وهو ما ذكرنا وقد عرفت عند كلّ واحد منهما بما هو المهمّ من آثارها ولوازمها . ولمّا كان الأثر المهمّ عند كلّ منهما غير الأثر المهم عند الآخر فوقع الاختلاف في تعريفها ، فالأثر المطلوب عند الفقيه متلازم مع الأثر المطلوب عند المتكلّم ، فلو فرض أنّ الأثر المطلوب من شيء عند شخص غير الأثر المطلوب عند شخص آخر وفرض ترتّب أحدهما عليه دون الآخر فيتّصف ذلك الشيء بالصحّة عنده دون الآخر ، فلو كان الأثر المطلوب من البطيخ عند شخص حلاوته وعند شخص آخر عطره مثلا ، فإن كان بطيخ متّصفاً بالحلاوة دون العطر يتصف بالصحّة عند هذا الشخص الذي مطلوبه منه الحلاوة دون الآخر . فعلى هذا الصحّة والفساد أمران إضافيان يختلفان باختلاف الأشخاص والطوائف ، فربّ شيء صحيح عند شخص أو طائفة وفاسد عند شخص أو طائفة أُخرى وبالعكس ، وهكذا بالنسبة إلى الأحوال فلا يمكن أن يقال : أنّه صحيح مطلقاً أو فاسد مطلقاً ، بل لابدّ من الإضافة ، نعم لو كان الأثر المطلوب لغالب الناس يترتّب عليه ، ولكن الأثر المطلوب لفرد نادر لا يترتّب يطلق عليه عرفاً أنّه صحيح من دون إضافة ، لعدم الاعتناء بالفرد النادر ، وكذا بالنسبة إلى الأحوال أيضاً . ثم إنّ الصحّة المتنازع فيها هي الصحّة المعتبرة في المأمور به مع قطع النظر عن تعلّق الأمر ، أعني تمامية الأجزاء والشرائط بحيث لو تعلّق الأمر بها وأتى بها