في بيان الحكم للأشياء بعناوينها الأوّليّة ، لا بما أنّها مشكوكة الحكم كما لا يخفى ، فهو بنفسه وإن لم يكن له مساس بذيل القاعدة والاستصحاب إلاّ أنّه بغايته دلّ على الاستصحاب ، حيث إنّها ظاهرة في استمرار ذلك الحكم الواقعي ظاهراً ما لم يعلم بطروّ ضدّه أو نقيضه . كما أنّه لو صار مغيى بغاية مثل ملاقاة النجاسة أو ما يوجب الحرمة ، لدلّ على استمرار ذلك الحكم واقعاً ، ولم يكن حينئذ بنفسه ولا بغايته دلالة على الاستصحاب [1] . انتهى كلامه . وحاصل ما أفاده ( قدس سره ) في الكفاية هو أنّ هذه الاخبار بنفسها تدلّ على أنّ حكم الأشياء في حدّ نفسها وبعناوينها هي الطهارة والحلّية وبغاياتها تدلّ على أنّ هذا الحكم مستمر إلى زمان حصول العلم والمعرفة بالنجاسة والحرمة . وحاصل ما أفاده في التعليقة هو أنّها تدلّ بنفسها على أنّ حكم الأشياء بعناوينها الأوّليّة وبعنوان كونها مشكوكة الحكم هي الطهارة والحلّية ، وبغاياتها تدلّ على استمرار هذا الحكم إلى زمان حصول العلم والمعرفة بالنجاسة والحرمة ، لأنّ الشيء بعنوان كونه مشكوك الحكم أيضاً شيء فيشمله " كلّ شيء " . والحقّ أنّ هذه الأخبار إنّما تدلّ على القاعدة ، وأنّ حكم مشكوك الطهارة والحلّية هي الطهارة والحلية إلى أن يحصل العلم بالنجاسة والحرمة ، لا على حكم الأشياء بعناوينها الأوّليّة ، وإلاّ لا معنى لجعله مغيّى بالعلم ولا على الاستصحاب ، لأنّه يعتبر فيه الثبوت السابق ، فلا يمكن استصحاب طهارة الشيء أو حلّيته إلاّ بعد إحرازهما سابقاً ، فلابدّ أن تقدّر في مثل قوله : " كلّ شي طاهر أو حلال " كلّ شيء طاهر طاهرٌ حتى تعلم أنّه قذر ، وكلّ شيء حلال حلالٌ حتى تعلم أنّه حرام ، حتى يمكن الحمل على الاستصحاب ، والأصل عدم التقدير . فعلى هذا لا يستفاد من هذه الأخبار إلاّ طهارة الأشياء وحلّيتها بعنوان كونها مشكوك الحكم كما هو معنى القاعدة ومقتضاها . فتحصّل : أنّ القدر المتيقّن من بناء العقلاء في حجّية الاستصحاب والأخذ