صيرورة اللفظ حقيقة متوقّفة على تكرّر الاستعمال حتى يصير اللفظ حقيقة ، وهو إنّما يحصل بالتدريج ، فقبل صيرورة اللفظ حقيقة أو مجازاً مشهوراً بالنسبة إلى المعنى الشرعي لو استعمل يحمل على المعنى اللغوي ، كما لو استعمل بعد وصوله إلى حدّ الوضع يحمل على المعنى الشرعي ، ولا إشكال في هاتين الصورتين ، وإنّما الإشكال فيما إذا اشتهر استعمالها في المعاني الجديدة ولم يصل إلى حدّ الوضع ، ويصير من دوران الأمر بين الحقيقة والمجاز الراجح ، فقيل [1] بتقديم الحقيقة بناء على أنّ أصالة الحقيقة معتبرة عند العقلاء تعبداً لا من باب الظهور العرفي ، لأنّ فائدة الوضع حمل اللفظ على الموضوع له عند عدم القرينة على خلافه ، وقيل [2] بتقديم المجاز الراجح بظهور اللفظ فيه وغلبة استعماله فيه ، وقيل بالتوقّف كما ربّما يظهر من صاحب [ الفصول ] حيث قال : يظهر من تضاعيف الأخبار المروية عن الأئمّة ( عليهم السلام ) أنّ استعمال صيغة الأمر في الندب كان من المجازات الراحجة المساوية احتمالها لاحتمال الحقيقة . . . إلى آخره . والظاهر أنّ مراتب الشهرة مختلفة فربّ مرتبة لا توجب التوقّف في حمله على المعنى الحقيقي أو المجازي ، وربّ مرتبة توجبه ، فلا يمكن دعوى الكليّة في شيء من الطرفين ، كما لا يخفى . ثمّ إنّه إذا حصل الوضع التعيّني بكثرة الاستعمال ، واستعمل اللفظ أيضاً فإمّا أن يكون الاستعمال وحصول العلقة الوضعية معلومي التاريخ ، أو مجهولي التاريخ ، أو أحدهما معلوماً والآخر مجهولا ، فالصور أربعة ، فإن كانا معلومي التاريخ فلا إشكال في أنّه إن كان تاريخ الاستعمال متأخّراً عن الوضع يحمل على المعنى الشرعي ، وإن كان تاريخ الوضع متأخّراً يحمل على المعنى اللغوي ، وإن كان أحدهما معلوم التاريخ : فإن كان تاريخ الاستعمال معلوماً وتاريخ الوضع غير معلوم فيحمل على المعنى اللغوي ، لأنّ عدم العلم بالوضع في حال الاستعمال
[1] بدائع الأفكار : في الطرق الظنية لتشخيص المراد ص 90 س 24 . [2] نقله الميرزا الشيرازي في تقريراته : في الحقيقة والمجاز ج 1 ص 136 .