في قوله : " من أضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن [1] " كيف يمكن رفعه ما دام الموضوع باقياً بدون النسخ ؟ ! فكما لا يمكن رفع الآثار والأحكام المترتّبة على موضوع الخطأ والنسيان بقوله ( صلى الله عليه وآله ) : " رفع عن أُمتي تسعة . . . إلى آخره [2] " لا يمكن رفع الأحكام المترتّبة على موضوع الضرر بلا ضرر وأمّا الأحكام الثابتة للأشياء بعناوينها الأوّليّة والثانوية التي أُريد رفعها برفع الضرر فليست أحكاماً للضرر حتى ترفع برفع موضوعها ادعاءاً . فإن قيل : إنّ قوله : " لا ضرر ولا ضرار في الاسلام " كقوله : " لا رهبانيّة في الاسلام [3] " فكما أنّه رفع حكم الرهبانية وهي المشروعية التي كانت ثابته لها في الشريعة السابقة بقوله : " لا رهبانيّة في الاسلام " فكذلك رفع حكم الضرر وهي الإباحة الأصليّة الثابتة للأفعال والأشياء . قلنا : مرجع هذا إلى أنّ المرفوع ب " لا ضرر " هو الضرر المجوّز شرعاً ، والمأذون فيه كما هو أحد المحامل ، ومرجعه إلى أنّ الضرر منهي عنه شرعاً فيرجع إلى المعنى الأوّل ولا يفيّد ما هو بصدد إثباته من رفع الأحكام الثابتة للأشياء بعناوينها الأوّليّة به . ورابع حملها على نفي الحقيقة لا تكويناً بل بمعنى أنّه لم يجعل الشارع حكماً ينشأ منه الضرر ، فكلّ حكم تكليفي أو وضعي ينشأ منه الضرر فهو ليس بمجعول ولا ممضى شرعاً ، وهذا الحمل أحسن المحامل وأظهرها ، ولا يرد عليه شيء إلاّ لزوم رفع اليد عن ظاهر لفظة " في " - في الاسلام - عن الظرفية وحملها على السببيّة ، وهو سهلٌ . مع أنّه يمكن أن يقال : لا يلزم ذلك المحذور أيضاً ، إذ لا إشكال في أنّ الظرفيّة هنا اعتبارية ، ولا مانع من كون الاسلام الذي هو عبارة عن مجموع الأحكام
[1] وسائل الشيعة : ب 8 من أبواب موجبات الضمان ح 2 ج 19 ص 179 . [2] وسائل الشيعة : ب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2 ج 5 ص 345 . [3] النهاية لابن الأثير : باب الراء مع الهاء ج 2 ص 280 .