ثانيها : أنّ المقتضي لثبوت الحكم التكليفي للمشتبهين - وهو العلم الإجمالي - موجود بالنسبة إلى الحكم الوضعي أيضاً . وفيه : أنّ ثبوت الحكم التكليفي لهما لأجل كونهما مقدمة علمية للتكليف المعلوم إجمالا ، وقضية المقدّمة العلمية غير آتية بالنسبة إلى الآثار الوضعية ، كما عرفت . ثالثها : ما ذكره في الحدائق [1] ، وحاصله : أنّ استقراء الأخبار الواردة في موارد الشبهة المحصورة يفيد اعطاء الشارع المشتبه بالنجس حكم النجس . وفيه : أنّ غاية ما يفيده الاستقراء - على تسليمه - هو وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة في جميع مواردها لاعن ملاقيها أيضاً . نعم لو ثبت وجوب الاجتناب عن ملاقي ما ثبت وجوب الاجتناب عنه بدليل آخر ثبت المدّعى بعد إثبات وجوب [ الاجتناب ] عن أطراف الشبهة المحصورة . والحاصل : أنّ الدليل الدالّ على وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة لا يدلّ على وجوب الاجتناب عن ملاقيها ، بل لابدّ له من دليل آخر ، كما أنّ الدليل الدالّ على وجوب الاجتناب عن النجاسات لا يدلّ على وجوب الاجتناب عن ملاقيها ، بل لابدّ له من دليل آخر . رابعها : ما نقله في الجواهر عن بعض المتأخرين [2] من أنّ الظاهر من الأدلّة أنّ المحصور يعامل معه معاملة النجس ، والفرق بينه وبين ما نقلناه عن صاحب الحدائق هو أنّ ظاهر هذا الوجه كون المحصور كالنجس في جميع الآثار بخلاف ما نقلناه عنه ، لأنّه قال فيها : إنّ للمشتبه في هذه المسألة وأمثالها حالة متوسطة ، فمن بعض الجهات كالأكل والشرب والملاقاة برطوبة حكمه حكم النجس ، ومن بعض الجهات كالصلاة في الثوبين المشتبهين باعتبار تكرار الصلاة فيهما له حالة ثالثة [3] .
[1] الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة ج 1 ص 513 . [2] كالسيد في مدارك الاحكام والخراساني في ذخيرة المعاد ، جواهر الكلام : كتاب الطهارة ج 1 ص 302 . [3] الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة ج 1 ص 514 .