وجماعة ممّن تأخر كصاحب الحدائق [1] والمحدّث الأمين الأسترآبادي في فوائده [2] . والثاني : عدم تنجّسه ، كما حكي القول به في الجواهر [3] عن المشهور ، واختاره الشيخ الأنصاري [4] ، وصاحب الكفاية ( قدس سرهما ) [5] . واستدلّوا للقول الأوّل بوجوه : أحدهما : دعوى الملازمة بين وجوب الاجتناب عن الشيء ووجوب الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط ولذا استدلّ السيد أبو المكارم في الغنية [6] على تنجّس الماء القليل بملاقاة النجاسة بما دلّ على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى : ( والرجز فاهجر ) [7] . ويدلّ عليه أيضاً ما في بعض الأخبار [8] من استدلاله على حرمة الطعام الذي ماتت فيه فأرة [ بأن ا ] لله سبحانه حرّم الميتة فإذا حكم الشارع بوجوب هجر كلّ واحد من المشتبهين فقد حكم بوجوب هجر كلّ ما لاقاه ، وهذا معنى ما استدلّ به العلاّمة ( قدس سره ) في المنتهى [9] على ذلك بأنّ الشارع أعطاهما حكم النجس ، وإلاّ فلم يقل أحد أنّ كلاّ من المشتبهين بحكم النجس في جميع آثاره . وفيه كما ذكر الشيخ ( قدس سره ) منع ما في الغنية من دلالة وجوب هجر الرجز على وجوب اجتناب ملاقيه إذا لم يكن عليه أثر من ذلك الرجز فتنجّسه - حينئذ - ليس إلاّ لمجرّد تعبّد خاص ، فإذا حكم الشارع بوجوب هجر المشتبه في الشبهة المحصورة فلا يدلّ على وجوب هجر ما يلاقيه .
[1] الحدائق الناضرة : كتاب الطهارة ج 1 ص 514 . [2] الفوائد المدنية : ص 170 . [3] جواهر الكلام : كتاب الطهارة ج 1 ص 302 . [4] فرائد الأُصول : ج 2 ص 416 . [5] كفاية الأُصول : في الاشتغال ص 412 . [6] الغنية ( الجوامع الفقهية ) : كتاب الطهارة ص 489 س 1 . [7] المدثر : 5 . [8] وسائل الشيعة : ب 5 من أبواب الماء المضاف ج 1 ص 149 . [9] منتهى المطلب : كتاب الطهارة ص 30 س 34 .