الرعية ، من جهة عدم شدّة اهتمامه فينتزع منه الفعلية بمعنى لو علم به المكلّف لتنجّز عليه ، وهذه المرتبة من الفعليّة أوّل مراتبها ، مقابل الاقتضائيّة والشأنيّة والانشائيّة ، إذ الأحكام الاقتضائيّة الشأنيّة الانشائيّة لا تصير تنجزها على المكلف ، بعلمه بها وإن لم يكتف في تحصيله بمجرّد أمره سفراءه بتبليغه إلى المكلفين على النحو المتعارف من جهة شدّة اهتمامه به ، بل أوجب الاحتياط رعايةً له فيما لم يكن العقل حاكماً بلزوم الاحتياط كما في الشبهات البدوية في الموارد الثلاثة ، أو قرّر حُكم العقل بلزوم الاحتياط كما في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي فينتزع منه الفعلية أيضاً . وهذه المرتبة من الفعليّة آخر مراتبها وإن لم يكتف في تحصيله بأمره سفراءه تبليغه على النحو المتعارف ، بحيث يرخّص في مخالفته مع عدم العلم ، ولا يلزم بالاحتياط تأسيساً أو إمضاءاً من جهة التسهيل على المكلفين ، أو مصلحة أُخرى فيرّخص في ارتكاب بعض الأطراف فعلا أو تركاً فينتزع منه الفعليّة أيضاً ، وهذه المرتبة من الفعليّة متوسطة بين المرتبتين المتقدمتين كالفعليّة المنتزعة من الأمر بالعمل بالأمارات ، فإنّها أيضاً متوسطة بين المرتبتين . وحاصل الكلام : أنّه علم إجمالا بوجوب أحد الشيئين أو حرمة ، أحدهما لا يجوز ترك الأوّلين جميعاً وفعل الآخرين كذلك ، لما عرفت من أنّ العلم الإجمالي بالتكليف بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية علّة تامّة ، وحكم العقل بعدم جوازها حكم تنجيزيّ ، ولا يجوز للشارع الترخيص فيها ، لأنه ترخيص في المعصية ومستلزم للتناقض . وأمّا بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة بأن يأتي بالشيئين اللذين يعلم بوجوب أحدهما أو يترك الشيئين اللذين يعلم بحرمة أحدهما فهو مقتض ، وحكم العقل بلزوم تحصيلها حكم تعليقي ، لأنّ حكمه بلزوم تحصيلها من جهة دفع الضرر المحتمل ، وهذا الحكم العقلي معلّق على عدم ترخيص الشارع في ترك بعض الأطراف في الشبهة الوجوبيّة وفعله في الشبهة التحريميّة ، إذ مع ترخيصه يصير