في المورد ، وهو غير ممكن أمّا الاستصحاب ، فلعدم جريانه في أطراف العلم الإجمالي . وأمّا التخيير ، فلما عرفت . وأمّا البراءة والحليّة ، فلان أدلّة البراءة من قبح العقاب بلا بيان وغيره مخصوصة بما كان الشكّ في جنس التكليف ولا تشمل ما إذا كان جنسه معلوماً وكان الشكّ في نوعه كما في المقام ، ولذا نقول بوجوب الاحتياط فيما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، وأمّا الحليِّة فإن أُريد بها الحليّة بالمعنى الأخصّ ، وهي الإباحة فهي قطعية العدم ، فكيف يمكن جعل الوظيفة مع القطع بمخالفتها للحكم الواقعي ؟ ! وإن أُريد بها الحليّة بالمعنى الأعم الشاملة للوجوب والاستحباب والكراهة فلا مانع من شمول : " كلّ شيء لك حلال " بهذا المعنى للمورد ، إذ لا قطع بمخالفتها للواقع إذا كان المراد بها الوجوب ، ولكن لازمه أن يكون مشكوك الوجوب والحرمة واجباً ظاهراً ، والحال أنّه ليس كذلك ، ولم يقل به أحد . وأمّا الاحتياط ، فلعدم إمكانه في المقام فكيف يمكن جعل الوظيفة التي لا يتمكّن المكلّف من العمل بها والجري على طبقها أصلا ؟ ! والحال أنّ جعل الوظيفة إنّما يكون لأجل أن يعمل المكلّف على طبقها ، والمكلّف هنا لا يتمكّن من العمل على طبق الاحتياط بتحصيل الموافقة القطعيّة ، كما أنّه لا يتمكّن أيضاً من المخالفة القطعيّة ، لأنّه لا يخلو إمّا من الفعل المطابق لاحتمال الوجوب أو الترك المطابق لاحتمال الحرمة . وإذا عرفت أنّ الالتزام بالحكم الواقعي على إجماله أمرٌ ممكن وحاصل ، والالتزام به تفصيلا غير ممكن ، والالتزام بالحكم الظاهري أيضاً غير ممكن ، لأنّه فرع جعل الوظيفة الظاهريّة ، والمورد غير قابل لجعلها . فينتهي الأمر إلى التكلّم في المقام الثاني : وهو مقام العمل ، وبعد ما عرفت أن المكلف لا يخلو تكويناً وفي الخارج إمّا من الفعل المطابق لاحتمال الوجوب أو الترك المطابق لاحتمال الحرمة وليست له وظيفة مجعولة من الشارع في مقام العمل ، فلابدّ من الرجوع إلى حكم العقل في