كاشف عن تعلّق الأمر به [1] ، وهو كاف في العبادية فيما أتى بقصده . وفيه : أيضاً أنّه لابدّ اوّلا من تحقّق عنوان الاحتياط حتى يترتّب عليه الثواب ويستكشف من ترتّب الثواب الأمر به ، فكيف يمكن أن يكون هذا الأمر المستكشف من ترتّب الثواب محقّقاً لموضوع الاحتياط ، والحال أنّه فرع تحقّقه ، هذا . مع أنّ حسن الاحتياط لا يكون كاشفاً عن تعلّق الأمر به بنحو اللمّ ، ولا ترتّب الثواب عليه كاشفاً عنه بنحو الإنّ ، بل يكون حاله في ذلك حال الإطاعة ، فإنّه نحو انقياد وإطاعة ، فكما لا يمكن تعلّق الأمر المولوي بالإطاعة لعدم قابليتها له فكذلك الاحتياط ، فتأمّل . وبعض آخر تصدّى لدفع الإشكال بما هو التزام به ، وهو أنّ الاحتياط في العبادات هو مجرّد الفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدا نيّة القربّة [2] . وفيه : مضافاً إلى عدم مساعدة دليل حينئذ على حسنه بهذا المعنى فيها بداهة أنّه ليس باحتياط ، بل هو أمر لو دلّ عليه دليل كان مطلوباً نفسيّاً مولويّاً عباديّاً ، والعقل لا يستقل إلاّ بحسن الاحتياط ، والعقل لا يرشد إلاّ إليه . نعم لو كان هناك دليل على الترغيب في الاحتياط في خصوص العبادة لما كان محيص عن دلالته اقتضاء على أنّ المراد به ذلك المعنى بناءً على عدم إمكانه فيها بمعناه الحقيقي ، كما لا يخفى أنّه التزام بالإشكال كما ذكرنا . ولكنّ الحقّ في دفع الإشكال هو أنّه لا يتوقّف الاحتياط في العبادات على الأمر المحقّق ، بل يكفي الأمر المحتمل وإتيان العمل برجاء المطلوبية ، بل هو آكد في العبادية من اتيان العمل بداعي أمره المحقّق ، فإن كان واقعاً مطلوباً فقد أتى بالعمل بتمام ما اعتبر فيه ، وإن لم يكن مطلوباً كان لغواً كما في سائر موارد الاحتياط في التوصليات بلا فرق بين أن يكون قصد القربة المعتبرة في العبادات من جهة أخذه في متعلّق الأمر على القول بإمكان أخذه فيه ، أو من جهة دخله في
[1] نقله في كفاية الأُصول : في الأُصول العملية ص 399 . [2] فرائد الأُصول : ج 1 ص 382 .