ما في الأخبار الصادرة عن الائمّة التي تكون في ما بأيدينا من الكتب المعتبرة ، وإذا انحصر مورد الاحتياط بالعمل بما في الروايات فلا يلزم من الرجوع في غيرها إلى الأُصول محذور ، كما لا يلزم من الاحتياط بالعمل بما في الروايات محذور مخالفة الإجماع واختلال النظام . وأمّا المقدمة الثانية : فهي بالنسبة إلى انسداد باب العلم في أمثال زماننا بيّنة وجدانية يعرف الانسداد كلّ من تعرّض للاستنباط ، وأمّا بالنسبة إلى انسداد باب العلميّ فالظاهر أنّها غير ثابتة ، لما عرفت من نهوض الأدلّة على حجيّة خبر الثقة . وهو واف بحمد الله بمعظم الفقه لا سيّما بملاحظة انضمام ما علم تفصيلا بحيث لا يلزم من الرجوع إلى الأُصول في غير موردهما محذورٌ . وأمّا المقدمة الثالثة : فهي قطعيّة ولو لم نقل بكون العلم الإجمالي منجّزاً مطلقاً ، أو فيما جاز أو وجب الاقتحام في بعض أطرافه كما في المقام حسب ما يأتي ، وذلك لأنّ إهمال معظم الأحكام وعدم الاجتناب كثيراً عن الحرام مما يقطع بأنّه مرغوب عنه شرعاً وممّا يلزم تركه إجماعاً . إن قلت : إذا لم يكن العلم بها منجّزاً لها للزوم الاقتحام في بعض الأطراف كما أُشير إليه ، فهل كان العقاب على المخالفة في سائر الأطراف حينئذ على تقدير المصادفة إلاّ عقاباً بلا بيان ، والمؤاخذة عليها إلاّ مؤاخذة بلا برهان ؟ ! قلت : هذا إنّما يلزم لو لم يعلم بوجوب الاحتياط ، وقد علم به بنحو اللمّ ، حيث علم اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه بحيث ينافيه عدم إيجاب الاحتياط الموجب للزوم المراعاة ولو كان بالالتزام ببعض المحتملات ، مع صحّة دعوى الإجماع على عدم جواز الإهمال في هذا الحال وأنّه مرغوب عنه شرعاً قطعاً . وأمّا مع استكشاف لزوم الاحتياط بالنسبة إلى غير ما علم جواز الاقتحام أو وجوبه فلا يكون العقاب عليه على تقدير المصادفة عقاباً بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان . والحاصل : أنّ عدم جواز إهمال الوقائع المشتبهة قطعي ، سواء قلنا بأنّ العلم الإجمالي منجّزٌ ، أو قلنا بعدم كونه منجّزاً مطلقاً أو فيما جاز أو وجب الاقتحام في