واجباً ، أو تعلّق بحرمة شيء ولم يكن في الواقع حراماً يستحق الثواب على موافقته والعقاب على مخالفته . وإن قلنا بأنّه جزء الموضوع فلا يستحق شيئاً ، لأنّ الموجب للثواب والعقاب ليس هو موافقة القطع ومخالفته ، بل هما مع مصادفة الواقع ومع التخلّف عنه فلا شيء . فعلى الأوّل يكون التجري حراماً وموجباً لاستحقاق العقاب ، وعلى الثاني لا يكون حراماً . لا إشكال في أنّ حسن الأفعال وقبحها تختلف بالوجوه والاعتبار ، وإنّما الإشكال في أنّ القطع بوجوب شيء من العناوين المحسّنة له والقطع بحرمة شيء من العناوين المقبّحة له وإن لم يكن كذلك واقعاً أم لا ؟ ومنشأ الإشكال هو : أنّ قبح التجرّي والتمرّد الذي لا إشكال فيه هل يسري إلى الفعل المتجرّي به أم لا ؟ وبعبارة أُخرى : أنّ التجري هل هو عنوان متحد مع الفعل الخارجي ويكون الفعل الخارجي هو المصداق للتجري بحيث يصحّ حمل المتجرّي عليه بأن يقال : هذا الفعل هو التجري ، أو أنّه ملازم له كما ذكرنا هذين الاحتمالين في التشريع أيضاً ؟ فإن قلنا بالأول فيصير الفعل الخارجي أيضاً قبيحاً ، لأنه تجرّ وطغيان على المولى ، وإن قلنا بالثاني فلا يكون الفعل الخارجي الملازم له قبيحاً ، وبعبارة ثالثة : لا إشكال في خبث الفاعل وسوء سريرته وقبح طينته ، وإنّما الإشكال في قبح الفعل الصادر عنه باعتقاد أنّه حرام مع أنّه لم يكن بحرام واقعاً ، وهل النزاع في مسألة التجرّي كلامي أو أُصولي أو فرعي . كلام الشيخ [1] ( قدس سره ) في هذا المقام مضطرب ، فإنّه من بعض كلماته يظهر أنّ المسألة كلامية حيث جعل البحث في استحقاق العقاب على التجرّي وعدمه ، ومن بعضها يظهر أنّ المسألة أُصوليّة حيث يتمسّك بحكم العقل بقبحه وذمّ العقلاء ، وكون النزاع في حكم العقل صغروياً كما في سائر المسائل الأُصوليّة العقلية كالتحسين
[1] فرائد الأُصول : المقصد الأوّل في القطع ج 1 ص 8 . س 13 .