والحاصل : أنّ في التعاريف الحقيقيّة المعرّف لابدّ أن يكون أعرف وأجلى من المعرّف ، وفي التعاريف اللفظيّة الأمر بالعكس فإنّ المعرّف فيها أعرف وأجلى من المعرّف ، فإنّه لا خلاف بينهم في إطلاق المطلق على بعض الألفاظ ، وإنّما الخلاف بينهم في التعبير عنها بعنوان جامع لتمام الأفراد ، فربّما يعرّفه شخص بما يكون بنظره جامعاً لتمام أفراده ومانعاً عن دخول غيرها ، ولا يكون بنظر غيره جامعاً ومانعاً ، ويورد عليه بأنّ هذا التعريف ليس بمطرد أو ليس بمنعكس ، من جهة عدم صدقه على بعض أفراد المعرّف أو صدقه على ما ليس من أفراده ، فلو لم يكن المعرّف أجلى وأعرف عندهم من هذه التعاريف لما جعل المعيار في اطرادها وانعكاسها هو صدقها عليه وعدم صدقها على غيره . وكيف كان من جملة ما يطلقون عليه المطلق : اسم الجنس كرجل وإنسان وحيوان وسواد وبياض ، وأمثالها من الألفاظ الكليّة الموضوعة للجواهر والأعراض ، بل العرضيات أيضاً . ولا ريب في أنّ اسم الجنس موضوع للماهيّة المبهمة اللا بشرط المقسمي المعرّاة عن تمام القيود والخصوصيات حتى عن قيد الإرسال القابلة لها . ومنها : علم الجنس ، والمشهور أنّه موضوع للطبيعة بقيد تعيّنها في الذهن لا الطبيعة المبهمة من حيث هي كما في اسم الجنس ، وذلك لأنّهم لمّا رأوا معاملتهم مع علم الجنس معاملة المعارف من توصيفه بالمعرفة وذكر الحال له كما في : رأيت أُسامة مقبلا ، والحال أنّه ليس فيه أداة التعريف قالوا بأنّ له تعيّناً في الذهن ، ولمّا رأوا أنّ اسم الجنس أيضاً له تعيّن في الذهن قالوا : إنّ اسم الجنس موضوع للطبيعة من حيث هي وعلم الجنس موضوع للطبيعة بقيد تعينها في الذهن ، ولذلك يعامل معها معاملة المعارف . ولكن التحقيق أنّه موضوع للطبيعة من حيث هي كاسم الجنس والتعريف معه لفظي كالتأنيث اللفظي ، فكما لا يحتاج في التأنيث اللفظي إلى إثبات أُنوثية معنويّة فكذلك في التعريف اللفظي لا يحتاج إلى إثبات تعيّن وتعريف معنوي .