جهة أنّ الأوّل لا يحتاج إلى الوضوء والثاني يحتاج ، فيكشف هذا عن اختلاف حقيقتهما ، وإلاّ لو كان الجزاء في كليهما عنواناً واحداً وكان تغايرهما بحسب الايجاد أي كان الجزاء في كلّ واحدة منهما ايجاداً مغايراً لايجاد الآخر فلا مجال للتداخل إذ لا يمكن الاكتفاء عن الايجادين بايجاد واحد . والثاني : أن يكون العنوانان ممّا يمكن تصادقهما على شيء كالعالم والهاشمي لا ممّا لا يمكن تصادقهما على شيء واحد كالعالم والجاهل ، وهذان الأمران لابدّ من إحرازهما حتى يمكن الالتزام بالتداخل في ناحية المسبب ، ففي مثل الغسل هذان الأمران متحققان فنقول بالتداخل فيه ، وأمّا في مثل الوضوء فلم يعلم أنّ الوضوء الذي يجب بالبول عنوان مغاير للوضوء الذي يجب بالنوم . ويحتمل أن يكون ايجاداً مغايراً لايجاده لا عنواناً مغايراً . وعلى فرض التغاير بحسب العنوان لم يعلم إمكان تصادقهما على شيء واحد فلا يمكن التداخل في ناحية المسبب فيه من هذه الجهة . نعم نقول بالتداخل فيه من جهة أنّ البول والنوم مثلا ليسا موجبين للوضوء بما هما نوم وبول ، بل من كونهما حدثاً والحدث لا يتكرّر ، فكان الموجب للوضوء هو الحدث وهو لا يتكرّر وأنّ الحدث الأصغر إذا تكرّر كان الثاني لغواً ، فظهر أنّ الأصل اللفظي وهو ظهور الجملة الشرطيّة في الحدوث عند الحدوث يقتضي عدم التداخل في ناحية السبب ، وإن لم يكن أصل لفظي وانتهى الأمر إلى الأصل العملي فهو يقتضي التداخل ، وأمّا في ناحية المسبّب فلا أصل يقتضي التداخل لا الأصل اللفظي ولا الأصل العملي . ثمّ إنّه لا يخفى أنّ صاحب الكفاية [1] خلط التداخل في ناحية السبب مع التداخل في ناحية المسبّب ولم يفرق بينهما كما هو حقّه . وحكي عن الحلّي [2] التفصيل بين اختلاف جنس الشروط كالبول والنوم وبين اتحاده كفردين من
[1] كفاية الأُصول : المفاهيم في مفهوم الشرط ص 240 . [2] السرائر : كتاب الصلاة في باب أحكام السهو والشكّ ج 1 ص 258 .