خالف النهي عن الغصب . والحاصل : أنّه بإيجاد الصلاة في غير المكان المغصوب يمتثل الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب بخلاف ايجادها في المكان المغصوب فإنّه امتثال للأمر ومخالفة للنهي ، فالصلاة في المكان المغصوب لها بدل وهي الصلاة في غيره ، بخلاف التصرّف في المكان المغصوب . ومنشأ هذا الوجه هو الوجه الأوّل ، وهو كون عموم الأمر بدليّاً ، وعموم النهي استيعابياً ، أي المطلوب بالأمر صرف الوجود والمطلوب بالنهي ترك جميع الأفراد ، فلذا يحتاج الأمر في التعميم إلى مقدّمات الحكمة ، والنهي لا يحتاج إلى شيء غير عدم تقييد الطبيعة المزجورة عنها ، فتأمّل في المقام . الثاني : أنّ الأمر ناش عن المصلحة والنهي ناش عن المفسدة ، فكما أنّه إذا دار أمر الشخص بين جلب المنفعة ودفع المفسدة فدفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، ولا يصير بصدد جلب المنفعة ما لم يدفع المفسدة عن نفسه ، فكذلك أمر الشارع إذا دار بين ايصال المنفعة إلى المكلّف ودفع المفسدة عنه يختار دفع المفسدة دون ايصال المنفعة . وأورد عليه في القوانين [1] بأنّه على اطلاقه ممنوع ، لأنّ في ترك الواجب إذا تعيّن أيضاً مفسدة . وفيه : أنّ ملاك الوجوب هي المصلحة فقط ، وملاك الحرمة هي المفسدة فقط ، فليس ملاك الوجوب مركّباً عن المصلحة في الفعل والمفسدة في الترك ولا ملاك الحرمة مركّباً من المصلحة في الترك والمفسدة في الفعل ، كما أنّ نفس الوجوب والحرمة ليسا مركبين فتأمّل . ولكن يرد عليه أنّ الأولويّة مطلقاً ممنوعة ، بل ربّما يكون العكس أولى كما يشهد به مقايسة فعل بعض المحرّمات مع ترك بعض الواجبات مخصوصاً مثل الصلاة وما يتلو تلوها ، فإنّه إذا دار الأمر بين فعل بعض المحرّمات وترك الصلاة لا