العقاب على مخالفة النهي السابق الساقط بالاضطرار فتأمّل . ولعلّه لذلك قيل بأنّ الخروج ليس مأموراً به أصلا لا من جهة الملاك ولا من جهة الملاك الغيري وليس أيضاً منهيّاً عنه بالنهي الفعلي ، بل بالنهي السابق الساقط بالاضطرار الباقي أثره وهو العقاب لكن العقل يلزمه بالخروج من باب أنّه أقلّ القبيحين وأخفّ المحذورين ، وهذا القول يظهر من صاحب الكفاية [1] ( قدس سره ) . والحقّ أنّ المسألة في غاية الإشكال ، ولابدّ فيها من التأمّل التام ليظهر الحق بعون الملك العلام وعلى الله التوكّل وبه الاعتصام من زلل الأقدام والأقلام فإنّه خير ختام . وحاصل الكلام في مسألة التوسّط في الأرض المغصوبة أنّ التوسّط تارة يكون بلا سوء الاختيار ، وأُخرى يكون بسوء الاختيار ، وعلى كلا التقديرين إمّا يتمكّن من التخلّص والخروج أو لا يتمكّن منه ، وعلى التقدير الأخير إمّا أن يكون من أوّل الأمر عالماً بأنّه إن دخل الأرض المغصوبة لا يتمكّن من الخروج ، أو يكون عالماً بالتمكّن منه ، أو يكون محتملا للأمرين . وعلى أيّ حال الكلام تارة في جواز تصرّفه بالحركة الخروجية ، وأُخرى في صحّة عبادته المتحدة مع الكون فيها فهاهنا صور لابدّ من التعرّض لها وبيان أحكامها : أمّا الصورة الأُولى : وهي صورة دخولها في الأرض المغصوبة بلا سوء اختيار منه فقد عرفت أنّه لا إشكال فيها لا في الدخول ولا في الخروج ولا في البقاء ما دام الاضطرار باقياً ولا في صحة عباداته المتحدّة مع الكون فيها إذا لم يوجب تصرّفاً زائداً على ما اضطر عليه من الكون فيها ، وقد عرفت أنّ هذا يختلف بين ما كان الفضاء مغصوباً ، أو ما استقر عليه ، أو كليهما ، والكلام الآن فيما لو كان المغصوب كليهما وحكم الصورتين الأُوليين يعرف بالتأمّل . ولا فرق في هذه الصورة بين الصلاة عن قيام أو قعود أو غيرهما من الكيفيّات في عدم لزوم تصرّف زائد على ما اضطر إليه ، وهو اشغاله لهذه الأرض والاضطرار إلى الجامع أباح تمام الخصوصيات والكيفيّات فيجوز له ، بل يجب