زائداً على ما يقتضيه الكون فيه على التفصيل المذكور ، بناءً على أن الاضطرار يوجب رفع الحرمة وإن كان الاضطرار بسوء الاختيار . وما قيل من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار [1] فإنّما هو في مقام الردّ على الأشاعرة لا في هذا المقام ، لأنّ التكليف بغير المقدور قبيح ولو كان سببه المكلف فإنّ صدور القبيح من العبد لا يوجب صدوره عن الله تعالى وإن لم ينحبس فيه ، بل كان له مخلص منه ، فبالمقدار الذي لا يمكنه عدم التصرّف في المغصوب بحيث لو أراد الخروج لابدّ من مضيّه كدقيقة أو أزيد مثلا يكون مضطراً إليه ، فلو صرف هذا المقدار من الزمان في البقاء أو في الحركة الغير الخروجية فلا إشكال في حرمته ، وكونه معصية لخطاب " لا تغصب " حيث إنّهما زيادة في الغصب . فلو عصى وبقي أو تحرك في غير الخروج ففي الزمان الثاني أيضاً بالمقدار الذي لابدّ منه في الخروج مضطرٌّ إليه . فلو صرف هذا المقدار في البقاء أو في الحركة الغير الخروجيّة لكان عاصياً لخطاب " لا تغصب " وهكذا في الزمان الثالث والرابع وما بعدهما . ولو صرف هذا المقدار من الزمان في الخروج عن المكان المغصوب فالأنظار هنا مختلفة ، فبناءً على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي أنّ الخروج مأمورٌ به ومنهي عنه كليهما كما حكي عن المحقّق القمّي ناسباً له إلى أكثر الأصحاب والفقهاء [2] . وبناءً على القول بالامتناع قيل : إنّه مأمور به فعلا حيث إنّه تخلّص عن الغصب وهو واجب ، ومنهي عنه بالنهي السابق وهو : " لا تغصب " المتوجّه إليه قبل دخوله فيه ، حيث إنّه يشمل تمام تصرّفاته فيه التي من جملتها الخروج الساقط بواسطة الاضطرار ، فالنهي ساقط خطاباً ، لكن أثر النهي وهو العقاب باق ، حيث إنّه باختياره خالف النهي ودخل في المكان المغصوب وإن سقط النهي بعد الدخول
[1] مطارح الأنظار : ص 154 س 4 . [2] القوانين : في بحث النواهي ج 1 ص 153 س 22 .