النظر عن المشخصات الفردية ، فربّما يحصل لها منقصة بواسطة الخصوصيّة الفردية كالصلاة في الحمّام ، وقد يحصل لها مزية كما في الصلاة في المسجد وقد لا يحصل شيء منهما كما في الصلاة في البيت ، والنهي في هذا القسم للارشاد إلى ترك الفرد الذي فيه المنقصة واختيار الفرد الذي ليس فيه الحزازة . ونظر من قال بأنّ الكراهة في العبادة عبارة عن كونها أقلّ ثواباً إلى هذا القسم ، والمراد بكونها أقلّ ثواباً بالنسبة إلى ثواب أصل الطبيعة المعرّاة عن ما توجب المزيّة أو المنقصة . فلا يرد الإشكال بأنّه يلزم أن تكون العبادة في بعض الأمكنة الراجحة التي يكون ثوابها أقلّ من بعض الآخر مكروهة كالصلاة في مسجد الكوفة مثلا ، حيث إنّ ثوابها أقلّ من ثواب الصلاة عند علي ( عليه السلام ) . وأمّا القسم الثالث : فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة بالعرض والمجاز ويكون المنهي عنه حقيقة هو العنوان المتّحد معها أو الملازم لها ، ويمكن أن يكون النهي إرشاداً إلى غيرها من سائر الأفراد التي لا تكون متحدة ولا ملازمة له . والمفروض التمكّن من استيفاء مزية العبادة بلا ابتلاء لحزازة ذلك العنوان أصلا ، هذا على القول بجواز الاجتماع . وأمّا على القول بالامتناع فكذلك في صورة الملازمة ، وأمّا في صورة الاتحاد وترجيح جانب الأمر كما هو المفروض حيث إنّه صحت العبادة فيكون حال النهي فيه حاله في القسم الثاني فيحمل على ما حمل عليه فيه ، حيث إنّه بالدقّة يرجع إليه ، إذ على الامتناع ليس الاتحاد مع العنوان الآخر إلاّ من مشخصّاته التي تختلف الطبيعة المأمور بها من حيث الثواب باختلافها . وممّا ذكرنا انقدح حال اجتماع الوجوب والاستحباب كالصلاة مع الجماعة أو في المسجد ، أو غيرهما من المزايا والخصوصيات الراجحة ، وأنّ الأمر الاستحبابي يكون على نحو الإرشاد إلى أفضل الأفراد مطلقاً على نحو الحقيقة ، ومولوياً اقتضائياً كذلك ، وفعلياً بالعرض والمجاز فيما كان ملاكه ملازمتها لما هو مستحب أو متحد معه على القول بالجواز .