وقد عرّف الوضع بتعاريف : منها : إنّه تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه . ومنها : إنّه تخصيص اللفظ بالمعنى . ومنها : إنّه التزام الواضع بأن لا يستعمل اللفظ إلاّ مُريداً به هذا المعنى . ومنها : إنّه علقة جعليّة بين اللفظ والمعنى . لا إشكال في إمكان كونه إلتزاماً من الواضع الأوّل بأن لا يستعمل اللفظ إلاّ مُريداً به المعنى فإنّ هذا الالتزام كسائر الالتزامات التي تقع عن الشخص على نفسه أو بينه وبين غيره كالالتزامات والشرائط الواقعة في ضمن العقود أو بينه وبين الله كالأيمان والنذور . ولا إشكال في أنّه في صورة إحراز ذلك الالتزام منه بالعلم الذي هو القدر المسلّم لا بالأمارة أو الأصل ، وإحراز أنّه باق على التزامه إذا استعمل اللفظ يحصل العلم بإرادة المعنى منه ، هذا بالنسبة إلى الواضع الأوّل ، وأمّا باقي أهل اللغة فكذلك أيضاً ، لأنّهم تابعون للواضع الأوّل . كما لا إشكال في إمكان كونه علقة جعليّة بين اللفظ والمعنى بجعل من بيده الجعل والاعتبار هذا اللفظ لذلك المعنى بحيث لو تجاوز عنه لكان مستعملا في غير ما جعل له أو انجعاله لذلك المعنى من جهة كثرة استعماله فيه ، فتكون تلك العلاقة كعلاقة الملكيّة حدوثاً وبقاء ، فإنّ علاقة الملكيّة كما قد تحصل بأسباب اختياريّة مجعولة بجعل من بيده أمر الجعل كالبيع والصلح والهبة وغيرها وقد تحصل بأسباب قهريّة غير اختيارية كذلك هذه العلاقة قد تحصل بأمر اختياري وهو جعل الواضع هذا اللفظ لذلك المعنى ، وقد تحصل بأمر غير اختياري كانجعاله له من كثرة استعماله فيه . وكما أنّ علاقة الملكيّة باقية إلى أن يحصل نقل اختياري أو إعراض - مثلا - فكذلك تلك العلاقة باقية إلى أن يحصل نقل من المعنى الأوّل إلى الثاني أو الجرِّ [1]