المستقبل لا يترتّب عليه آثار الوجوب الفعلي . والحاصل أنّ الوجوب في الواجب المعلّق وإن لم يكن مشروطاً بما علّق عليه الواجب وجعل قيداً للمادة إلاّ أنّه مشروط بالأمر الانتزاعي ، فالواجب المعلّق لا يخلو عن شوب الاشتراط ، فتأمّل . ثمّ إنّه أشكل على الواجب المعلّق بما حاصله أنّ الايجاب الذي هو عبارة عن الإرادة التشريعيّة ، المتعلّقة بفعل الغير كالإرادة التكوينيّة المتعلّقة بفعل نفسه ، فكما لا يمكن أن تتعلّق الإرادة التكوينيّة بأمر متأخّر ، لأنّه يلزم انفكاك المراد عن الإرادة فكذلك لا يمكن أن يتعلّق الإيجاب بأمر متأخّر [1] . وحاصل الجواب : منع عدم تعلّق الإرادة التكوينيّة - بأيّ معنى فسّرت الإرادة - بالأمر المتأخّر فإنّها كما تتعلّق بأمر حالي كذلك تتعلّق بأمر استقبالي . ولذا ربّما يمهّد مقدماته مع أنّها ليست متعلّقة للإرادة بنفسها ، فلو لم يكن الأمر المتأخّر كالحجّ في الموسم مثلا متعلقاً للإرادة فعلا كيف يمهّد مقدماته قبله ؟ والحال أنّها بنفسها ليست متعلّقة للإرادة ، بل الإرادة المتعلّقة بها غيريّة ناشئة من الإرادة المتعلّقة بذي المقدمة . وإذا ثبت إمكان تعلّق الإرادة التكوينية بالأمر الاستقبالي فكذلك الإرادة التشريعيّة فإنّها يمكن أيضاً تعلّقها بأمر استقبالي . وقد أُشكل عليه أيضاً بأنّ القدرة على المكلّف به شرط في التكليف وفي الواجب المعلّق لمّا كان الواجب استقبالياً لا يقدر عليه المكلّف فعلا [2] . والجواب عنه : أنّ القدرة المعتبرة في التكليف إنّما هي القدرة في زمان الواجب وحال الامتثال لا في زمان الايجاب وتعلّق التكليف والقدرة على المكلّف به في الواجب المعلّق متحققة في ظرف الامتثال ، وإن لم تكن متحقّقة في حال الايجاب والتكليف ، فإنّ تحقّق القدرة في حال الايجاب غير معتبر ، إذ اعتبارها في التكليف إنّما هو من جهة أن لا يلزم التكليف بما لا يطاق ، وهذا لا
[1] نقله عنه صاحب كفاية الأصول عن بعض أهل النظر : ص 128 والظاهر أنّه المحقّق النهاوندي صاحب تشريح الأصول . [2] الفصول الغروية : ص 79 س 38 - 39 .