باقي مباحث الألفاظ . وأمّا البحث عن حجيّة خبر الواحد : فقد يكون نظر الباحث إلى معرفة أحوال الحاكي وهو الخبر ، وقد يكون نظره إلى معرفة أحوال المحكي وهي السنّة المحكيّة بالخبر الّتي هي عبارة عن قول المعصوم وفعله وتقريره ، وإن كان الحاكي والمحكي من الأُمور النسبية الّتي تلازم معرفة كلّ منهما للآخر لكن نظر الباحث أوّلا وبالذات قد يكون إلى الحاكي وقد يكون إلى المحكي ، فانّه فرق بين النزاع في أنّ الخبر الواحد هل يثبت السنّة كما يثبت بعض الأشياء الأُخر أم لا ؟ وبين النزاع في أنّ السنّة هل تثبت بخبر الواحد كما تثبت بالخبر المتواتر أم لا ؟ كما في الأُمور الخارجيّة النزاع في أنّ هذا السكين هل يقطع الخشب أم لا ؟ غير النزاع في أنّ هذا الخشب هل يقطعه هذا السكين أم لا ؟ فإنّ الغرض من النزاع على الوجه الأوّل هو تعرّف حال السكين من حدّته وعدم حدّته ، بخلاف الوجه الثاني فإنّ الغرض منه معرفة حال الخشب من الصلابة وعدمها ، فكذلك في المقام فإنّ النزاع في أنّ الخبر الواحد هل يثبت السنّة أم لا ؟ الغرض منه تعرّف حال الخبر بخلاف النزاع في أنّ السنّة هل تثبت بخبر الواحد أم لا ؟ الغرض منه تعرّف حال السنّة ، فإن كان النزاع في حجيّة الخبر الواحد على الوجه الأوّل فلا تدخل تلك المسألة في مسائل الأُصول ، وإن كان النزاع فيها على الوجه الثاني فتدخل في المسائل الأُصوليّة ، لأنّ البحث عنها بحث عن الحجّة بعد الفراغ عن حجيتها وعن الدليل بعد الفراغ عن دليليتها كما لا يخفى إذ هو أوضح من أن يخفى . والحاصل : أنّ القائل بأنّ تمايز العلوم ليس منحصراً بتمايز الموضوع ، بل يمكن أن يكون بتمايز المحمول أو الغرض ، وتمايز علم الأُصول عن غيره إنّما هو من جهة الغرض - كما هو المختار بالنسبة إلى علم الأُصول بل الأغلب من العلوم - فلا يرد عليه إشكال خروج بعض المسائل التي يذكرونها في الكتب الأُصوليّة عن كونها مسألة أُصوليّة ، ولا يلزمه التفصّي عنه بذكره استطراداً ، وذلك لأنّ المسائل