واحدة منها ، وهكذا بالنسبة إلى سائر المسائل وسائر العلوم . ثم إنّ صاحب الكفاية [1] ( قدس سره ) بعد ما تفطّن أنّ تمايز العلوم بتمايز الاغراض التزم بأنّ موضوع العلم عنوان كلّي نسبته إلى موضوعات المسائل نسبة الكلّي إلى المصاديق والطبيعي إلى الأفراد ، وإن لم نعرف ذلك باسمه ورسمه . وفيه : أنّه بعد كون التمايز بالأغراض فالالتزام بوجود الموضوع التزام بلا ملزم ، مع أنّه إذا كان التمايز بالموضوع كما قلنا : إنّه يمكن أن يكون بأحد الأُمور الثلاثة ولا ينحصر التمايز بأحدها لا يلزم أن يكون موضوع كلّ مسألة من مسائله جزئياً من جزئياته ، بل يمكن أن يكون موضوع المسألة عين موضوع العلم ، ويمكن أن يكون جزئياً من جزئياته ، ويمكن أن يكون جزءاً من أجزائه إذا كان موضوع العلم مركباً ، ويمكن أن يكون من أعراضه الذاتية كما ذكره أهل المنطق فلا يتعيّن أنّ يكون موضوع المسألة من جزئيات موضوع العلم ، فالتزامه في صورة كون التمايز بالموضوع التزام بلا ملزم أيضاً . هذا تمام الكلام بالنسبة إلى كلّي العلوم المدوّنة ، وظهر أنّه لا ينحصر تمايزها بتمايز الموضوعات ولا المحمولات ولا الأغراض ، بل يمكن أن يكون التمايز بأحد هذه الأُمور الثلاثة . ومع التنزّل وتسليم أنّ لكلّ واحد من العلوم المدوّنة لابدّ أن يكون موضوعاً يمتاز به عن غيره من العلوم ، لا نسلّم أنّ أُصول الفقه علم مستقل على حدة في قبال العلوم الأُخر حتى يحتاج إلى موضوع معيّن ، بل هو عبارة عن مجموع مسائل متشتّتة من العلوم التي يتوقّف الاجتهاد والاستنباط على معرفتها ، كالنحو والصرف واللغة والمنطق والمعاني والبيان والكلام ، وغيرها من العلوم التي تبلغ إلى أربعة عشر - على ما ذكروا - العلوم التي يتوقّف الاجتهاد عليها ، فإنّ علماء الأُصول جمعوا أُمّهات مسائل هذه العلوم التي يتوقّف الاجتهاد عليها على حسب اختلاف أنظارهم وأمذقتهم من حيث التكثير والتنقيص ، إمّا من جهة سهولة تناول ما يتوقّف عليه