للغير لا واجباً مقدميّاً بالغير كما في تحصيل العلم ونحوه من المقدمات التي لو لم يحصّلها المكلّف قبل وجوب ذي المقدمة لفاته في وقته على قول بعض كالمحقّق الأردبيلي [1] ومن تبعه حيث التزموا بوجوبها النفسي التهيئي . ويترتّب العقاب على تركها بنفسها ، ونظيره في العرفيات موجود كما في امر المولى عبده بالالتفات إليه ليأمر بعد الالتفات بأمر آخر فإنّ الالتفات واجب نفسي ويعاقب العبد على تركه ، وإن كان الغرض منه التوطئة للأمر الثاني ، فيكون الأمر بذات العبادة في ما نحن فيه للوجوب النفسي التهيّئي الذي يعاقب المكلّف على تركه ، ولكن المطلوب منه التوسل إلى الأمر الثاني . وحينئذ يسأل من هذا القائل : أنّ المكلّف إذا أتى بمتعلّق الأمر الأوّل وهي ذات العبادة بدون قصد الأمر هل يسقط الأمر الأوّل أم لا ؟ فإن قال بسقوطه فلا يبقى مجال لموافقة الأمر الثاني ، لفواته بفوات متعلّقه فلا يمكن للآمر التوسل بهذه الوسيلة إلى غرضه ، إذ للمكلف أن يأتي بمتعلق الأمر الأوّل بدون قصد الأمر حتى لا يبقى مجال للأمر الثاني إلاّ أن يقول بأنّه سقط بالعصيان لا بالامتثال . وعلى أيّ حال لازمه القول بعدم الحاجة إلى الإعادة أو القضاء فيما لو أتى ذات العبادة بدون قصد الأمر ، والحال أنّه لا يلتزم به أحد ، بل لو أتى بذات العبادة ألف مرّة بدون قصد القربة لابدّ من اعادتها أو قضائها . وإن قال بعدم سقوطه فلابدّ أن يكون الوجه في عدم سقوطه هو عدم حصول غرضه به ، إذ العقل مستقلّ بعدم سقوط أمر المولى ، وعدم تحقّق إطاعته ما دام غرضه باق ، إذ هو موجب لحدوثه فيكون باقياً ببقائه . وحينئذ نقول : لا حاجة إلى تعدّد الأمر للتوسل إلى هذا الغرض ، بل لا فائدة فيه بعد استقلال العقل بتحصيل غرض المولى ، وهو مع إتيان المأمور به بقصد الأمر معلوم ، وبدونه مشكوك أو مقطوع العدم ، فإنّ الغرض قد يكون أخصّ من المأمور
[1] لاحظ مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الصلاة ج 2 ص 54 - 55 .