الاستحباب ، فكلّ ما كان ثوابه أكثر كان استحبابه آكد ، هذا بحسب الثبوت . وأمّا بحسب الإثبات والاستظهار من الصيغة ، وأنّه هل يستفاد منه ، الوجوب أو الاستحباب ؟ فالظاهر أنّه يمكن استظهار الوجوب منها ، وأنّ ما تعلق الأمر به يترتّب الثواب على فعله والعقاب على تركه . وبيانه : أنّه لا ريب في أنّه إذا تعلّقت الإرادة الفعليّة من الشخص بفعل نفسه بأن أراد ذلك الفعل على كلّ تقدير فلا محالة يهيء جميع المقدمات التي لها دخل في حصول ذلك الفعل منه في الخارج ، مثلا لو أراد الذهاب إلى كربلاء فإن أمكنه الذهاب ماشياً يذهب ، وإن لم يقدر على المشي يستأجر دابّة ، وإن لم يمكن له الاستئجار يستعير أو يشتري ، وهكذا يهيء تمام المقدمات التي لها دخل في غرضه وكذلك إذا تعلّقت الإرادة الفعلية بفعل صادر عن الغير اختياراً ، فإنّ الفعل الاختيار [ ي ] الصادر عن الغير لمّا لم يكن داخلا في تحت قدرة الآمر فلابدّ فيما إذا أراده منه على كلّ تقدير أن يوجد فيه دواعي اختيار الفعل حتى يفعله عن اختيار . فربّما يكون نفس بيان أنّ هذا الفعل له مصلحة يصير داعياً إلى الفعل ، وربّما لا يكون نفس كونه ذا مصلحة داعياً ، ولكن لو فهم أنّ المولى أراده منه يصير داعياً له إليه ، وربّما لا يكون ذلك داعياً له أيضاً ولكن لو جعل الثواب على فعله ربّما يكون داعياً له ، وربما لا يكون جعل الثواب داعياً ولكن لو جعل العقاب على تركه ربّما يكون داعياً ، إذ حينئذ يلزمه العقل بفعله فراراً من الوقوع في العقاب على تركه . فعلى هذا ورود الأمر المطلق الكاشف عن الإرادة الفعليّة المطلقة كاشف عن تحقّق تمام ما له دخل في حصول المأمور به في الخارج من كون الفعل ذا صلاح إرادة الآمر منه وجعل الثواب على فعله والعقاب على تركه ، وإلاّ يلزم الاخلال بغرضه ومراده . ولكن فيه : أنّ أصل المبنى - وهو كون استحقاق الثواب والعقاب أمراً جعليّاً - فاسدٌ ، وذلك لأنّ استحقاق الثواب والعقاب بمعنى أهليّة العبد لأن يثاب أو يعاقب