المتكلّم عليه تعالى . والحال أنّه يصحّ إطلاقه عليه ولو لم نقل بالكلام النفسي . والثاني : في أمر لفظي وهو أنّ المدلول بالكلام اللفظي هو هذا المعنى القائم بالنفسي المغاير للصفات المعروفة بناءً على ثبوته أم لا ؟ والنزاع في هذا الأمر متفرّع على الأمر الأوّل ولا ملازمة في حدّ نفسه بين القول بثبوت معنى في النفس مغاير للصفات المعروفة ، وكونه مدلولا للكلام النفسي إذ يمكن القول بثبوته مع المنع عن كونه مدلولا للكلام اللفظي ، لكن الأشاعرة لمّا كان إلتزامهم بالمعنى المذكور من جهة الجائهم إلى القول بثبوته وكونه مناطاً في صدق المتكلميّة وكونه كلاماً حقيقة كما قيل : إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا [1] واطلاق الكلام على اللفظ الدالّ عليه إنّما هو بالعناية ومن جهة العلاقة فلابدّ من أن يكون ذلك المعنى هو مدلول الكلام اللفظي عندهم . فإن قيل : إذا لم يكن ذلك المعنى مدلولا للكلام اللفظي فما مدلوله . فنقول : أمّا المفردات فلا إشكال في أنّ معانيها عبارة عمّا وضعت لها وأمّا الجمل فالخبرية منها مدلولها عبارة عن النسب الإيقاعيّة الإحداثيّة يحدثها المتكلّم بين الطرفين ، فإن كانت تلك النسبة الايقاعيّة مطابقة للنسبة الإعتقاديّة ، وهي مطابقة للنسبة الخارجيّة يصير صادقاً ، وإلاّ كاذباً . فالمدلول في صورتي الصدق والكذب شيء واحد ، وهو ايقاع الربط وإحداثه بين الطرفين . والتفاوت بالصدق والكذب إنّما هو من جهة مطابقة هذه النسبة الربطيّة الايقاعيّة مع النسبة الاعتقاديّة والخارجية أو إحداهما على الخلاف في مسألة الصدق والكذب وعدم مطابقتها . والحاصل : أنّ مدلول الجمل الخبريّة عبارة عن النسب الايقاعيّة ومن موازنتها مع النسب الاعتقاديّة واستكشاف أنّ ما أوقعها المتكلّم من النسب مطابق لاعتقاده بما يكون طريقاً لهذا الاستكشاف ، وموازنة النسب الاعتقادية مع النسب
[1] قاله الأخطل نقله في شوارق الالهام : في مبحث تكلّمه ( تعالى شأنه ) ص 555 س 24 .