والبياض هو عدم صحّة حمل الأسود على ما يصحّ حمل الأبيض عليه . ولا يرد على هذا التقرير ما أورده بعض الأجلّة من المعاصرين [1] من عدم التضادّ بناءً على القول بعدم الاشتراط ، لما عرفت من ارتكازه بينهما كما في مبادئها ، فتأمّل . إذ المستحيل هو عدم جواز اجتماع المتضادين أو المتناقضين في محلّ واحد في زمان واحد ، وبناءً على القول بعدم اشتراط التلبّس بالمبدأ في صدق المشتق وكفاية تلبّسه به فيما مضى لا يلزم هذا المحذور من صدق المشتقين من المتضادين أو المتناقضين ، لاختلاف زمان التلبّس بمبدأيهما ، إلاّ أن يقال بأنّ التضادّ بين المشتقين ارتكازي ضروري . ويستنتج من هذا المطلب الضروري مطلب نظري وهو اشتراط التلبس بالمبدأ في صدق المشتق ، وإلاّ لزم إمّا عدم التضادّ بينهما وهو خلاف الارتكاز والضرورة ، وإمّا عدم استحالة اجتماع المتضادّين والمتناقضين ، وهو ضروري البطلان ، فتدبّر . ثمّ لا يخفى أنّ عبارة الكفاية في هذا المقام مشوّشة غاية التشويش ، ولعلّ المراد هو أنّه ( قدس سره ) لما استدلّ على القول المختار بالتبادر وصحّة السلب [2] صار بصدد بيان الجواب عن الايراد الوارد على التبادر اوّلا ، ثم الجواب عن الايراد الوارد على صحّة السلب . وحاصل الايراد الأوّل هو : أنّ التبادر إنّما يكون علامة للحقيقة إذا كان مستنداً إلى الوضع وحاق اللفظ ، لا ما إذا كان مستنداً إلى الاطلاق أو القرينة والتبادر هنا مستند إلى الاطلاق . وحاصل الجواب هو : أنّه تارة يمنع أصل التبادر ويقال : ليس المتبادر من المشتق هو خصوص المتلبّس بالمبدأ ، بل الأعمّ منه وممّا انقضى عنه المبدأ كما استدلّ به القائلون بكونه موضوعاً للأعمّ فله وجه ، وأمّا بعد تسليم أنّ المتبادر منه
[1] بدائع الأفكار : في بحث المشتق ص 181 س 26 . [2] كفاية الأُصول : في بحث المشتق ص 64 .