وعلى أيّ حال هذا القدر يكفي في حملها على الصحيح لو صدرت مجرّدة عن القرينة ، فتأمّل . وقد أُشكل على الأعميّ بأنّه كيف يمكن دعوى تبادر الأعم ، والحال أنّه لا يمكن فرض الجامع وتصويره بناءً على القول بالأعمّ ؟ والجواب عنه : تارة بمثل ما ذكرنا في دعوى تبادر الصحيح ، وهو أنّ الجامع بين الصحيح والفاسد وإن لم نتعقله بحقيقته وكنهه إلاّ أنّا تعقلناه بوجه من الوجوه ، ويمكن لنا الإشارة إليه بعناوينه ككونه قابلا للتقسيم إلى الصحيح والفاسد وأمثاله ، وأُخرى بما ذكرنا من تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة والفاسدة . والحاصل : أنّه إمّا أن نقول بكفاية التصور الإجمالي للجامع في دعوى التبادر ولا يحتاج إلى تصوره بكنهه وحقيقته ، بل يكفي التصوّر بالوجه ، أو نقول بأنّ الجامع متصوّر تفصيلا كما ذكرنا سابقاً من أنّ الصلاة عبارة عن حضور خاص وإقبال مخصوص . وهي عنوان عرفي قصدي يختلف الشرع والعرف في كيفيته ، بل الشرائع أيضاً مختلفة ، فالصحيح منه ما كان واجداً لتمام الأُمور التي اعتبرها الشارع ، والفاسد ما كان فاقداً لها ، هذا بحسب التصوّر . وأمّا بحسب التصديق : فالظاهر أنّ المتبادر من لفظ الصلاة المجرّد عن القرائن الخارجيّة الحالية والمقاليّة هو الأعمّ من الصحيح والفاسد ، إذ المرتكز في الأذهان أنّ الصلاة عبارة عن أمر قابل لأن يتنوّع إلى نوعين ، ولهذا ينقسم إلى القسمين . فصحّة التقسيم التي جعلوها دليلا على كونها موضوعة للأعمّ ليست إلاّ من جهة هذا الارتكاز ، لا أنّها دليل مستقل . وقد استدل الصحيحي بصحّة سلب الصلاة عن الفاسدة والأعمّي بعدم صحّة سلبها عنها . فالصحيحي يقول بعدم صدق الصلاة بالنسبة إلى الفاسدة ، وصحّة سلبها عنها ، وعدم صحّة حملها عليها . والأعميّ يقول بعدم صحّة سلبها عنها ، وصحّة حملها عليها ، وصدقها عليها . فالشبهة هنا شبهة في الصدق لا المصداق . ولا يخفى أنّ كلتا الطائفتين متسالمتان على أنّ الصلاة يصحّ سلبها عن