وأمّا إجراء الاستصحاب في ناحية المسبّب والحكم ببقاء نجاسة الثوب لا يوجب زوال الشك في طهارة الماء ونجاسته ، فإنّها ليس من الآثار الشرعية للنجاسة ، ويكون رفع اليد عن اليقين بطهارته نقضاً لليقين بالشكّ بلا وجه . والحاصل : أنّه إجراء الاستصحاب في ناحية السبب يوجب خروج الشك في ناحية المسبّب عن عموم لا تنقض اليقين بالشك تخصّصاً ، والعكس يوجب خروجه في ناحية السبب تخصيصاً بلا وجه . إلاّ على الوجه المحال ، ولا شك في تقديم الأوّل على الثاني ، وفي هذا الوجه كفاية في الدلالة على المدّعى ، مضافاً إلى دعوى الإجماع ودلالة الأخبار وسائر الوجوه التي ذكرها الشيخ ( رحمه الله ) ، وإن لم تكن بينهما سببية ومسبّبية ولم يكن المستصحب في أحدهما من الآثار الشرعية للآخر ، بل كان الشكّ فيهما مسبّباً عن أمر ثالث مثل ما لو علم بارتفاع أحد الحادثين لا بعينه ، فإنّه يجري بالنسبة إلى كليهما ويعمل به ، لو لم يلزم محذور المخالفة القطعيّة ؛ لشمول قوله ( عليه السلام ) " لا تنقض اليقين بالشك [1] " الغير المذيّل بقوله " ولكن انقضه بيقين آخر مثله " لكليهما لو سلّم عدم شمول المذيّل بهذهِ الفقرة لهما ، للزوم المناقضة بين الصدر والذيل ، ولا مانع من الشمول إلاّ لزوم المخالفة الالتزامية ، وهو ليس بمانع . ومنه انقدح عدم جريانه في أطراف العلم بالتكليف فعلا أصلا ولو في بعضها لوجوب الموافقة القطعيّة له عقلا ففي جريانه يلزم المخالفة القطعية ، لو أُجري في جميع الأطراف وتلزم المخالفة الاحتمالية لو أُجرى في بعض الأطراف . فظهر ممّا ذكرنا أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الإناءين إذا كان نجسين ثمّ علم بطهارة أحدهما لا بعينه بخلاف صورة العكس . تذنيبٌ لا يخفى أنّ قاعدة التجاوز والفراغ وأصالة الصحة في عمل الغير وغيرها ، من القواعد المقرّرة في الشبهات الموضوعية إلاّ القرعة مقدّمة على استصحاباتها
[1] وسائل الشيعة : ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 1 ج 1 ص 174 .