الثامن : أنّه لا تفاوت في الأثر المترتب على المستصحب بين أن يكون مترتباً عليه بلا واسطة شيء أو بواسطة عنوان كلّي ينطبق عليه ، ويحمل عليه بالحمل الشائع ، ويتحد معه وجوداً كان منتزعاً عن مرتبة ذاته ، أو بملاحظة بعض عوارضه مما هو خارج المحمول لا المحمول بالضميمة ، فانّ الأثر في الصورتين إنّما يكون له حقيقة ، حيث إنّه لا يكون بإزاء ذلك الكلي في الخارج سواه لا لغيره ، مما كان مبايناً معه أو من أعراضه ممّا كانت محمولة عليه بالضميمة كسواده ، أو بياضه - مثلا - وذلك لأنّ الطبيعي إنّما يوجد بعين وجود فرده ، كما أنّ العرضي كالملكيّة والغصبيّة لا وجود لهما إلاّ بوجود منشأ انتزاعهما ، فالفرد أو منشأ الانتزاع في الخارج هو عين ما رتّب عليه الأثر لا شيء آخر ، فاستصحابه لترتيبه لا يكون بمثبت كما توهم انتهى [1] كلامه . وحاصل كلام المتوهم [2] : هو أنّه في استصحاب الموضوعات الخارجيّة التي لا تكون الآثار مترتبة على الكلي المنطبق عليها ، كاستصحاب خمريّة المائع المخصوص ، أو المنتزع عنها ؛ كاستصحاب ملكيّة هذا الشيء المخصوص ، أو غصبيته يكون الاستصحاب مثبتاً ، وذلك : لأنّ وجود الكلي من اللوازم العقلية لوجود الفرد ، والفرض أنّ الأثر إنّما هو للكلّي فاستصحاب الفرد ، وترتيب الأثر المترتب على لازمه العقلي ، وهو : وجود الكلي لا يمكن الا على القول بالأصل المثبت . ويمكن الجواب عنه بوجهين : الأول : أنّ الكلّي لمّا كان في الخارج موجوداً بعين وجود أشخاصه ، وبتحقّق كلّ شخص يتحقق حصة من الكليّ ، فاستصحاب الشخص عين استصحاب الكلي ، والحصة الموجودة منه بعين وجوده ، وليس أمراً مغايراً للشخص . حتى يكون استصحاب الشخص ، وترتيب الآثار المترتبة على الكلي من باب أصل المثبت .
[1] الظاهر صاحب كفاية الأُصول : في الاستصحاب ص 474 . [2] فرائد الأُصول : في الاستصحاب ج 2 ص 661 .