أيضاً بأنّه إنّما يتم ذلك لو كان في الدليل ما بمفهومه يعمّ كلا النظرين ، والحال أنّه لا يمكن ذلك لتباينهما ، فلابدّ أن يكون إمّا مسوقاً بالنظر العقلي أو العرفي ، والعبرة في باب الاستصحاب هو النظر العرفي فيفرّق بين كون الزمان قيداً وظرفاً فيجري استصحاب العدم في الأوّل واستصحاب الوجود في الثاني بلا معارض . نعم لا يبعد أن يكون بحسبه أيضاً متحداً فيما إذا كان الشكّ من جهة الشكّ في أنّه بنحو تعدّد المطلوب ، وأنّ حكمه بتلك المرتبة التي كان مع ذلك الوقت وإن لم يكن باقياً بعده ، إلاّ أنّه يحتمل بقاؤه بما دون تلك المرتبة فيستصحب فتأمّل . ثم إنّه كما لا تعارض بين الاستصحابين فيما ذكر لا تعارض بينهما في باب الطهارة الحدثيّة والخبثية ، لأنّها من الأُمور التي لو حدثت لا ترتفع إلاّ برافع ، سواء قلنا بأنّها من الأُمور الخارجيّة أو من الأُمور الاعتباريّة ، فبعد خروج المذي في الأُولى وغسلة واحدة في الثانية لو شكّ المرجع استصحاب الطهارة في الأُولى والنجاسة في الثانية . وعليه لا مجال لجريان استصحاب عدمهما أيضاً بتوهّم أنّ سببيّة أسباب الطهارة إلى زمان خروج المذي وسببيّة ملاقاة النجاسة لها إلى ما قبل غسلة واحدة معلومة وبعدها مشكوكة ، فيرجع إلى استصحاب العدم فيتعارض الاستصحابان ، فتأمّل . الخامس : في أنّه كما لا إشكال في جريان الاستصحاب فيما إذا كان المتيقّن السابق حكماً فعليّاً مطلقاً كذلك لا إشكال في جريانه فيما إذا كان معلّقاً على شرط كالعصير العنبي ، فإنّه محكوم بالحرمة على تقدير الغليان ، فكما يجوز استصحاب حلّيته المطلقة لو شكّ عند طروّ بعض الحالات كصيرورة العنب زبيباً - مثلا - كذلك يجوز استصحاب حرمته المعلّقة على الغليان ، فإذا شكّ في حلّية عصير الزبيب بعد الغليان وحرمته نستصحب الحرمة المعلّقة ، ونحكم بحرمته . وقد أُشكل عليه تارة بأنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون للمتيقّن ثبوت سابقاً حتى يستصحب في زمان الشكّ ، وهنا ليس كذلك ، إذ لا وجود للحكم المعلّق قبل وجود المعلّق عليه ، وأُخرى بأنّ استصحاب هذا الحكم التعليقي