لا ينقض اليقين [1] ، أو بأنّ اليقين لا يُرفع بالشكّ . وهذه الرواية من جهة ظهورها في اختلاف زمان اليقين والشكّ ، كما هو قضية قوله : " من كان على يقين فأصابه شكّ " وإن كانت محتملة لقاعدة اليقين ، لأنّ اختلاف زمانهما إنّما هو فيها لا في الاستصحاب ، ضرورة إمكان اتّحادهما فيه بأن يحدث اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء في زمان واحد ، ولكن في القاعدة لا يمكن ذلك ، بل لابدّ من حصول اليقين بشيء أوّلا ، ثم الشكّ فيه في الزمان الثاني ، كما إذا قطع بعدالة زيد يوم الجمعة ثم شكّ في عدالته يوم الجمعة في يوم السبت ، وبعبارة أُخرى متعلّق اليقين والشكّ في القاعدة شيء واحد ، وهي عدالة يوم الجمعة وزمانهما مختلف ، وفي الاستصحاب زمان الشكّ واليقين ومتعلّقهما مختلف إذ متعلق اليقين هو الحدوث ومتعلّق الشكّ هو البقاء ، إلاّ أنّه لمّا كان المتداول هو التعبير بمثل هذه العبارة في مورد الاستصحاب ، ولعلّه بملاحظة اختلاف زمان الموصوفين وسرايته إلى الوصفين لما بين اليقين والمتيقّن من نحو من الاتّحاد ، فلا بأس بحملها على الاستصحاب ، فتأمّل . هذا مع وضوح أنّ قوله : " لا ينقض اليقين بالشكّ " هي القضية المرتكزة الواردة في مورد الاستصحاب في غير واحد من الأخبار ، فتدبّر . ومنها : خبر الصفّار ، عن علي بن محمّد القاساني قال : كتبت إليه وأنا بالمدينة عن اليوم الذي يُشكّ أنّه من رمضان هل يُصام أم لا ؟ فكتب : " اليقين لا يدخل فيه الشكّ ، صُم للرؤية ، وأفطر للرؤية [2] " . حيث دلّ على أنّ اليقين بشعبان لا يكون مدخولا بالشكّ في بقائه وزواله بدخول شهر رمضان ، ويتفرّع عليه عدم وجوب الصوم إلاّ باليقين بدخول شهر رمضان ، كما هو مقتضى قوله : " صم للرؤية ، وأفطر للرؤية " وعدم وجوب الافطار
[1] وسائل الشيعة : ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 6 ج 1 ص 175 . [2] وسائل الشيعة : ب 3 من أبواب احكام شهر رمضان ح 13 ج 7 ص 184 .