الحالين ، وهو كاف في جريان الاستصحاب فيهما بخلاف الأحكام ، فإنّه ليس فيها شيء واحد باق في الحالين ، فلو أُجري فيها الاستصحاب لزم القياس واسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر ، لما عرفت من أنّ الماء المتغيّر مع الماء الزائل تغيّره عنوانان متغايران ولا جامع بينهما إلاّ الماء الذي ليس هو موضوعاً للحكم بالنجاسة ، بل الموضوع هو الماء المتغيّر ، فلو أردنا استصحاب نجاسته لكان إسراء الحكم من موضوع إلى غيره . ومنها : صحيحة أُخرى لزرارة : قال : قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من المني فعلّمت أثره إلى أن أُصيب له الماء ، فحضرت الصلاة ، ونسيت أنّ بثوبي شيئاً وصلّيت ، ثم إنّي ذكرتُ بعد ذلك ، قال : تعيد الصلاة وتغسله . قلت : فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه قد أصاب فطلبته ولم أقدر عليه ، فلمّا صلّيت وجدته ، قال ( عليه السلام ) : تغسله وتعيد . قلت : فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتيقّن ذلك ، فنظرت فلم أرَ شيئاً فصلّيت ، فرأيت فيه قال : تغلسه ولا تعيد الصلاة . قلت : لمَ ذلك ؟ قال : لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً . قلت : فإني قد علمت أنّه قد أصابه ، ولم أدر أين هو ، فأغسله ؟ قال : تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنّه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك . قلت : فهل عليَّ إن شككت في أنّه أصابه أن أنظر فيه ؟ قال : لا ولكنّك إنما تريد أن تذهب الشكّ الذي وقع في نفسك . قلت : إن رأيت في ثوبي وأنا في الصلاة ؟ قال : تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته ، وإن لم تشكّ ثم رأيته رطباً قطعت الصلاة وغسلته ، ثم بنيت على الصلاة ، لأنك لا تدري لعلّه شيء أُوقع عليك ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك [1] .
[1] وسائل الشيعة : ب 37 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1053 .