لا إشكال في أنّه إذا كان التعارض بين الأُصول المراديّة كما إذا دار الأمر بين التجوّز والإضمار أو التخصيص أو الإضمار والتخصيص أو بين الثلاثة : أنّ المناط هو الظهور العرفي فإذا وقع التعارض بينها بحيث يختلف المعنى المراد باختلافها فيحمل على ما يكون اللفظ ظاهراً فيه بحسب مساعدة الفهم العرفي ، وهذا يختلف باختلاف المقامات فربّما يحمل على التجوّز في مقام ، وعلى الإضمار في مقام آخر ، وعلى التخصيص في ثالث . وما ذكره ( قدس سره ) في الكفاية من جعل المدار على الظهور العرفي والأخذ به إنّما هو في هذا القسم لا في القسمين الأخيرين . وأمّا إذا كان التعارض بين الأُصول الوضعية فيؤخذ بما كان أقلّ مؤنة من الآخر كدوران الأمر [1] فيما بين المجاز والاشتراك ، حيث إنّ المجاز أقلّ مؤنة من الاشتراك كما قيل [2] وهكذا حيث إنّه يكفي في حمل اللفظ على ما كان أقلّ مؤنة عدم لحاظ العناية الزائدة التي يحتاج إليها الأكثر مؤنّة . وأمّا الأُصول المرادية مع الأُصول الوضعيّة فليس بينها تعارض أصلا ، لاختلاف رتبتهما ، وعدم ارتباط بينهما . الأمر التاسع : - من الأُمور التي ذكرها المصنف ( قدس سره ) [3] في المقدمة - في ثبوت الحقيقة الشرعيّة وعدمه . وقد اختلفوا فيه على أقوال : الثبوت مطلقاً ، وعدمه مطلقاً ، والتفصيل في الألفاظ والأزمان . اعلم أنّ الحقيقة تنقسم إلى أقسام عديدة حسب تعدّد الواضعين ، وينسب كلّ قسم منها إلى واضعه ، فالحقيقة اللغوية ما صار اللفظ حقيقة منه بوضع واضع اللغة واستعماله فيه ، والعرفيّة العامّة ما صار كذلك باستعمال العرف العام هذا اللفظ في ذلك المعنى وبنائهم على ذلك ، والعرفيّة الخاصّة ما صار كذلك ببناء طائفة خاصّة
[1] في الأصل زيادة كلمة ( بين ) . [2] قاله صاحب هداية المسترشدين : ص 42 ، س 19 . [3] كفاية الأُصول : في بحث أحوال اللفظ الخمسة 35 .