الشبهات ، إذ الإخباريون [1] يقولون : نحن علمنا بمقتضى أدلّة الاحتياط وجوب التحرّز عن الشبهة ، فلسنا جاهلين بالحكم حتى نرجع إلى البراءة بمقتضى : " الناس في سعة ما لا يعلمون " وغيرها من أدلّة البراءة ، ولا ينكرون عدم وجوب الاحتياط على من لم يعلم بوجوب الاحتياط لا من العقل ولا من النقل بعد التتبع والتأمل . وحاصل مقصود الشيخ ( قدس سره ) أنّه لو لم يكن قصور في أدلّة الاحتياط في حدّ نفسها وكانت لها أدنى درجة الحجيّة لكانت مقدّمة على أدلّة البراءة ، ولما كانت بينهما معارضة ، ولكنّه ( قدس سره ) يناقش في أدلّة الاحتياط في حدّ نفسها . ولكن لا يخفى ما فيه ، إذ على تقدير تمامية أدلة الاحتياط في حدّ نفسها الإنصاف أنّه تقع المعارضة بينها وبين تلك الأدلّة ، لأنّ مقتضى تلك الادلّة هي الرخصة في اقتحام المشتبه وارتكابه وعدم الضيق على المكلف من طرفه . ومقتضى أدلّة الاحتياط هو المنع عن الاقتحام فيه وارتكابه وعدم التوسعة على المكلف من طرفه كما هو مفاد قوله الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكة ، فمقتضى أدلّة البراءة هو كون المكلّف في التوسعة من قبل التكليف المجهول ، ومقتضى أدلّة الاحتياط كونه في ضيق منه ، وهل هذا إلاّ التناقض ؟ هذا بناءً على كون الاحتياط حكماً طريقيّاً تترتّب على تركه مفسدة الواقع والعقاب لو صادف تركه ترك الواقع . نعم بناءً على كونه نفسيّاً يترتّب العقاب على مخالفة نفسه فلا معارضة بين تلك الأدلّة وأدلّة الاحتياط ، إذ مقتضى تلك الأدلّة هي الرخصة بالنسبة إلى الواقع وعدم العقاب عليه ، ومقتضى أدلّة الاحتياط هو العقاب على ترك نفس الاحتياط لا على الواقع المجهول . ومنها : " رواية عبد الأعلى عن الصادق ( عليه السلام ) قال : سألته عمّن لم يعرف شيئاً هل عليه شيء ؟ قال : [2] لا " ، بناءً على أنّ المراد بالشيء الأوّل فرد معيّن مفروض
[1] نقل عنهم في فرائد الأُصول : في أدلة البراءة ج 1 ص 327 . [2] الكافي : باب حجج الله على خلقه ج 1 ص 164 ح 2 .