والحاصل : أنّ النزاع في أنّ ما بيّنه الله تعالى على مجاري العادة واختفى بيانه علينا هل هو مرفوع ، أم لا ؟ وهذا الحديث يدلّ على أنّ ما لم يبيّنه الله تعالى فهو مرفوع ، فلا ربط له بالمدّعى . ومنها : قوله ( عليه السلام ) : " الناس في سعة مالا يعلمون " [1] . فإنّ كلمة " ما " إمّا موصولة أُضيفت إليها السعة ، أو مصدريّة ظرفيّة ، وعلى كلّ تقدير يثبت المطلوب أمّا على تقدير كونها موصولة ، فلأنّه يدلّ على أنّ الناس في سعة شيّء لا يعلمونه ، ودلالته على المدّعى واضحة . وأمّا على تقدير كونها مصدريّة فبعد القطع ببطلان كونهم في سعة تمام الأشياء بمجرّد الجهل بشيء مخصوص لابّد أن يرجع إلى الأوّل ، وهو أنّهم في سعة من طرف الشيء المجهول ما دام لم يعلموا لا من طرف تمام الأشياء . ولا يخفى أنّ دلالة هذا الحديث على المدّعى إنّما تتمّ بناءً على أن يكون المراد ب " مالا يعلمون " خصوص الحكم المجهول أو الأعمّ منه ومن الموضوع الخارجي لو فرضت سلامة إرادة المعنى الأعمّ من الإيرادات [ التي ] أُوردت على النبوي السابق وأمّا لو كان المراد به خصوص الموضوع الخارجي فلا يدل على المدّعى ، كما لا يخفى . والشيخ ( قدس سره ) لم يتعرّض للإشكال في دلالة هذا الحديث من هذه الجهة ، ولعلّه أحال إلى الوضوح بعد ما أشكل هذا الإشكال على النبوي السابق ، وإنّما تعرّض للإشكال عليه بما تقدّم في الإستدلال بالآيات ، بل لا يختصّ بهذا الحديث والآيات فيعمّ تمام الروايات إلاّ المرسلة الآتية ، بل تمام الأدلّة العقليّة والنقليّة التي أقاموها على البراءة . وحاصل ذلك الإشكال : أنّ نسبة تلك الأدلّة إلى أدلّة وجوب الاحتياط هي نسبة الأصل إلى الدليل الاجتهادي ، فكما أنّه لا مجرى للأصل مع وجود الدليل كذلك لا موقع لتلك الأدلّة بعد وجود الأدلّة الدالّة على وجوب الاحتياط في