الرابع : الأخبار الدالّة على عدم حجية خبر الواحد ، ومضامين هذه الأخبار مختلفة ، فمنها ما يدلّ على طرح الخبر الغير المعلوم صدوره [1] ، ومنها ما يدلّ على طرح الخبر الذي لم يكن عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله [2] ، ومنها ما يدلّ على طرح الخبر الذي لم يكن موافقاً له [3] ، ومنها ما يدلّ على طرح ما كان مخالفاً [4] ، فلو أُريد الاستدلال بكل واحد من هذه الأخبار على عدم حجيّة خبر الواحد كان استدلالا بخبر الواحد على عدم حجيّة خبر الواحد ، ويلزم من وجوده عدمه . ولو أُريد الاستدلال بمجموع هذه الأخبار وإن لم يلزم المحذور المذكور ، لأنّ هذه الأخبار وإن لم تكن متواترة لفظاً كقوله : " إنّما الأعمال بالنيّات " [5] ولا متواترة معنىً ، لعدم جامع لها إلاّ أنّها متواترة إجمالا بمعنى أنّا نقطع بوجود صادر من هذه الأخبار عن المعصوم ، فلو كانت الاخبار المتواترة إجمالا متباينة لا يمكن الأخذ بمضمون واحد منها بالخصوص ، ولكن بالنسبة إلى نفي الغير لا مانع من الأخذ بها لاشتراكها في نفيه . وأمّا لو كانت بين مضامينها أعميّه وأخصّية يجب الأخذ بأخصّها مضموناً ، إذ نقطع إمّا بصدور الأخصّ أو الأعم . وعلى كلّ حال مضمون الأخص قطعي ، ففي المقام أعمّ هذه الأخبار مضموناً هو الخبر الغير المعلوم صدوره ، وأخصّ منه هو الخبر [ الذي ] لم يوافق كتاب الله ، وأخصّ منه الخبر الذي يكون مخالفاً . فأخصّ تلك الطوائف الثلاث بعد إرجاع غير الموافق إلى المخالف كما سيجيء في باب التعادل الخبر المخالف لكتاب الله ، فالتمسّك بهذه الأخبار لا يدلّ إلاّ على عدم حجّية خبر المخالف لكتاب الله ، وهو أخصّ من المدّعى ، مع أنّه يمكن حملها على صورة تعارض الخبرين لا مطلقاً كما
[1] وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب صفات القاضي ح 36 ج 18 ص 86 . [2] وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب صفات القاضي ح 18 ج 18 ص 80 . [3] وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب صفات القاضي ح 19 ج 18 ص 80 . [4] وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب صفات القاضي ح 10 ج 18 ص 78 . [5] عوالي اللئالي : ج 2 ص 190 ح 79 .