النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الوحي علما ضروريا بالحكم ، وكذا الإمام ( عليه السلام ) من قول الملك والإلهام أو غيرهما من وجوه العلم على نحو ما يحصل لنا العلم الضروري بالفطريات ، وكذا ما يستفيده الوصي ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الأوصياء بعضهم من بعض بطريق الوراثة . وعلم الأئمة ( عليهم السلام ) بالكتاب والسنة وضروب الاستدلال على النحو الحاصل لنا لا يوجب صدق كون علومهم حاصلة عن النظر ، إذ مع حصول الوجه الأوضح في العلم إنما ينسب العلم إليه ، فالدليل والمدلول عندهم بمرتبة واحدة في المعلومية ، وإن كان لو فرض انتفاء تلك الضرورة اكتفي بمعرفة الأدلة في الانتقال إلى مدلولاتها ، فلا يصدق حينئذ كون علومهم حاصلة عن الأدلة . وقد يورد في المقام بعدم خروج العلوم المذكورة بذلك ، إذ يصدق على علمه تعالى وعلوم المعصومين ( عليهم السلام ) أنه علم بالأحكام الحاصلة عن الأدلة ، ولو كان حصولها عنها عند المجتهد ، إذ ليس في الحد ما يفيد كون ذلك العلم بخصوصه مستفادا عن الأدلة . وأجيب عنه تارة بجعل الظرف من متعلقات العلم دون الأحكام ، وعدم صدقه على العلوم المذكورة حينئذ ظاهر . وفيه : أن قيام الاحتمال كاف في الإيراد ، إذ ليس في الحد ما يقضي بإرجاع الظرف إلى العلم . ويدفعه : أن المأخوذ من الدليل إنما هو التصديق ، فذلك شاهد على ارتباط الظرف بالعلم ، وارتباطه بالأحكام وإن صح أيضا إلا أنه يتوقف على إضمار مقدر خاص ، وهو خلاف الظاهر . نعم ، لو اخذ الأحكام بمعنى التصديقات ارتبط الظرف بها ولا إيراد أيضا ، إذ ليست التصديقات الحاصلة للمذكورين عن الأدلة ، مضافا إلى أنه لابد حينئذ من أخذ العلم بمعنى الملكة كما عرفت ، فلا يندرج علمه تعالى في الجنس . وقد يقال بمثله أيضا في علوم بعض المذكورين .