ويمكن أن يقال : إن ما دل على توعد العصاة واستحقاقهم للذم والعقوبة لا ينحصر في الآية المذكورة بل هو معلوم من ملاحظة سائر الآيات والروايات . ورابعا : بأنه لا دلالة فيما ذكر إلا على كون الأمر للوجوب بحسب الشرع ، لاختصاص الوعيد في الآية بعصيانه تعالى وعصيان الرسول فلا يفيد وضعه بحسب اللغة كما هو المدعى . ويدفعه بعد ورود الذم شرعا على عصيان غير الله والرسول أيضا ما عرفت من أصالة عدم النقل . مضافا إلى أن العصيان حقيقة في مخالفة ما ألزمه الطالب من الفعل أو الترك بحكم التبادر ، فعد مخالفة الأمر عصيانا دليل على إفادته الإلزام وإن لم يلزم منه الوجوب المصطلح ، إلا ممن دل الدليل العقلي أو النقلي عن المنع من عصيانه ، حسب ما مرت الإشارة اليه . ومما قررنا ظهر وجه آخر في إتمام الدليل المذكور من دون حاجة إلى التمسك بالآية الأخيرة . وخامسا : أن ذلك إنما يفيد إفادة الأمر للوجوب مع الإطلاق ، وهو أعم من وضعه له بالخصوص ، إذ قد يكون من جهة انصراف الإطلاق اليه كما أشرنا اليه . ومنها : ما دل على وجوب طاعة الله والرسول والأئمة ( عليهم السلام ) من الآية والرواية مع كون الإتيان بالمأمور به طاعة ، كما يشهد به ملاحظة العرف واللغة فيكون الإتيان بالمأمور به واجبا . ويرد عليه أيضا ما مر من إفادته دلالة الأمر على الوجوب بحسب الشرع دون اللغة . ويجاب بما عرفت من تتميمه بأصالة عدم النقل ، وبأن وجوب الطاعة إنما يتبع إيجاب المطاع ، فلولا دلالة الأمر على إيجاب المأمور به لم يعقل وجوب الإتيان به ، لوضوح عدم وجوب الإتيان بما لم يوجبه الأمر الذي يجب طاعته . فمحصل الاستدلال : أن امتثال الأمر طاعة ، فإذا صدر الأمر ممن يجب