قوله : * ( في الأوامر والنواهي ) * هما جمعا الأمر والنهي ، بمعنى القول المخصوص ، ويجريان في الأمر والنهي بمعنى الطلب أيضا ، وليسا جاريين على القانون ، إذ ليس القياس في جمع " فعل " فواعل ، وحكى في النهاية عن بعضهم إنكار مجئ " أوامر " جمعا للأمر ، بل جمعه " أمور " سواء كان بمعنى القول المخصوص أو الفعل ، إذ " أوامر " جمع آمرة ، وقال : إن هذا شئ يذكره الفقهاء . وربما يؤيده ما في القاموس حيث ذكر جمع الأمر على أمور بعد تفسيره بضد النهي والحادثة ، ولم يذكر جمعه على أوامر ، وظاهره كون أمور جمعا له على التفسيرين . إلا أن الظاهر من الأصوليين وغيرهم كونهما جمعين للأمر والنهي بالمعنى المذكور ، ويشهد له ملاحظة الاستعمالات الدائرة في العرف وحملها على التحريفات الطارئة بعيد جدا . وقد يجعلان في الأصل جمعا لآمرة وناهية بتأويل كلمة آمرة وناهية على سبيل المجاز من قبيل إسناد الشئ إلى الآلة ، فيكون الجمع إذن على القاعدة ، ويكون إطلاقهما على الصيغة مجازا بملاحظة العلاقة المذكورة إلا أنه اشتهر ذلك إلى أن بلغ حد الحقيقة ، فيكون إذن من المنقولات العرفية . ويظهر من ذلك وجه اختصاص الجمع المذكور بالأمر بمعنى القول المخصوص . وربما يجعل أوامر جمعا لأمور ، حكاه في الإحكام فيكون جمع جمع وكأنه نقل فيه الواو عن مكانه فقدم على الميم . ويضعفه مع ما فيه من التعسف أنه غير جار مجرى الأمور في الاستعمالات ، لاختصاصه بالأقوال واختصاص الأمور بغيرها ، فلو كان جمعا له كان بمنزلته ، إلا أن يجعل ذلك من طوارئ الاستعمال في المقامين ، ولا يخلو عن بعد وأنه لو كان جمع جمع لما كان صادقا على أقل من تسعة ، مع أنه ليس كذلك كما هو ظاهر من ملاحظة الإطلاقات .