العلوم وإن كان بعيدا عن ظاهر الإطلاق ، فحينئذ يتعين أن يكون الظرف من متعلقات الأحكام . فما ذكراه من تعلق الظرف بالعلم غير متجه ، وكأنهما أرادا بالتصديق المصدق به ، لشيوع إطلاقه عليه ، فيرجع إلى الوجه الآتي . وكيف كان ، فالوجه المذكور وإن أمكن تصحيحه إلا أن فيه من التعسف والركاكة ما لا يخفى . وأما الثاني فهو أظهر الوجوه في المقام ، وعدم كونه من مصطلحات الأصوليين والفقهاء لا يبعد الحمل عليه ، سيما قبل بيان الاصطلاح ، مضافا إلى قيام بعض الشواهد المبعدة للحمل على المصطلح ، كما ستعرف . وأما الثالث فلا يصح إرادته في المقام ، إذ ليس العلم بنفس الخطابات فقها ، سواء فسر الخطاب بتوجيه الكلام نحو الغير أو الكلام الموجه نحوه ، وأيضا لا معنى لتعلق الأدلة بها ، إذ من جملة الأدلة الكتاب والسنة وهما عين الخطاب على الثاني ، فيتحد المدلول والدليل ، وقد وقع الخطاب بهما على الأول فلا يكونان دليلين عليه . وقد أجاب الأشاعرة عن ذلك - بناء على ما ذهبوا إليه من القول بالكلام النفسي - بحمل الأحكام على الخطابات النفسية وما عد في الأدلة من اللفظية ، فجعلوا الثانية أدلة على الأولى . وأورد عليه بعض أفاضل العصر : بأن الكلام اللفظي حينئذ كاشف عن المدعى لا أنه مثبت للدعوى ، فلا يكون دليلا عليه بحسب الاصطلاح . ويدفعه : أنه إنما يتم لو فسر الكلام النفسي بمدلول الكلام اللفظي ، أعني نفس ما دل عليه اللفظ من حيث إنه مدلوله ، إذ من الواضح عدم كون اللفظ دليلا على معناه في الاصطلاح وإن كان دالا عليه . وأما إذا فسر بالكلام القائم بالذات الأزلية المدلول عليه بالخطاب اللفظي - كما هو الظاهر من مذهبهم حيث يذهبون إلى كونه من الصفات القديمة -