قوة تكرير المفرد بالعطف فرع عليه أنه كما يجوز إرادة المعاني المتعددة من الألفاظ المتحدة المتعاطفة فكذا ما بمنزلتها ، فهاتان المقدمتان تفيدان الاكتفاء بالاتفاق في اللفظ في بنائهما ، فهذا في الحقيقة وجه آخر لما ادعاه من الاكتفاء بالاتفاق في اللفظ ، وحينئذ فلا يخفى ما في تعبيره من الاضطراب . وأنت خبير بأن الدعوى المذكورة في محل المنع وحمل التعدد المستفاد من التثنية والجمع على التعدد المستفاد من الألفاظ المتحدة المتعاطفة قياس في اللغة ، وهو بخصوصه فاسد سيما بعد عدم مساعدة العرف عليه وظهور خلافه منه . وأيضا ليست التثنية إلا بمنزلة لفظين متعاطفين فجواز استعمال كل واحد منهما في معنى مغاير للآخر بطريق الحقيقة إنما يفيد جواز استعمال التثنية في معنيين ، مع أن محل النزاع في المسألة يعم ما فوق الواحد من معاني المشترك ، سواء كان معنيين أو أكثر بل لا فارق بين المعنيين وما زاد عليهما بالنسبة إلى المفرد ، فلا ينبغي نقص التثنية عنه مع اعتبار التعدد فيها في الجملة . والدليل المذكور كما ترى غير ناهض عليه ، بل من الواضع خلافه ، إذ لم يعهد في اللغة والعرف إطلاقها على الثلاثة والأربعة وما زاد عليها ، فلا يصح إطلاق القول بكونها حقيقة مع استعمالها في الأزيد من معنى واحد ، كما هو الظاهر من تحريرهم لمحل النزاع ، وقد يقيد النزاع فيها بخصوص المعنيين كما مرت الإشارة اليه ، إلا أنه مناف لما أشرنا اليه . وإذ قد عرفت ضعف ما ذكره المصنف في المقامين تبين قوة القول بالمنع مطلقا ، وقد ظهر الوجه فيه مما قررناه إجمالا ، إلا أنا نوضح الكلام في المقام بما يتبين به حقيقة المرام . ولنفصل ذلك برسم أمور : أحدها : أنك قد عرفت ضعف القول بكون الوحدة جزءا من الموضوع له ، وكذا عدم ثمرة للقول بوضعها لمعانيها في حال الانفراد مع البناء على عدم تقييد الوضع أو الموضوع له بذلك .