ومن الغريب ما قيل [1] في توجيهه من أن تلك الألفاظ حال استعمالها في المعاني الشرعية حقائق شرعية فيها مجازات لغوية عند صدور استعمالها فيها من أهل اللغة ، فيكون المراد أن تلك الألفاظ حقائق شرعية بالفعل مجازات لغوية بالقوة ، وهذا القدر كاف في اتصافها بوصف العربية ، إذ بعد صيرورة القوة فعلا تكون عربية لا محالة . قلت : فهي إذن غير عربية لكنها قابلة لأن تكون عربية لو استعملت على غير هذا النحو ، وأين ذلك من الحكم بكونها عربية بالفعل ؟ كما هو المفروض في كلام المجيب ، إلا أن يحمل ما ذكره المجيب على المجاز ويجعل ذلك علاقة للتجوز ، وهو مع ما فيه من التعسف - لعدم ملائمته لسوق كلامه - غير كاف في دفع الاستدلال . قوله : * ( ومع التنزل نمنع . . . الخ ) * لا يخفى أن هذا الكلام صدر من المجيب في مقام المنع لإبداء المناقشة فيما استند اليه المستدل وإن لم يكن موافقا للتحقيق ، فإن كون القرآن كله عربيا أمر واضح غني عن البيان ، وقد قال الله تعالى : * ( لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) * [2] . فالأولى مع التنزل أن يقال بأن وجود غير العربي فيه لا يقضي بعدم كونه عربيا ، إذ المناط في صدق العربي والعجمي على النظم والأسلوب كما هو ظاهر ، كيف ! وقد ورد المعرب والرومي والأعلام العجمية وغيرها في القرآن وليست بأقرب إلى العربية من الحقائق الشرعية . قوله : * ( والتحقيق أن : يقال . . . الخ ) * ما حققه في المقام إنما يتم إذا أفاد الظن بانتفاء الوضع تعيينا وتعينا ، وأما مع الشك في ذلك - نظرا إلى شيوع الخلاف فيه من قديم الزمان وذهاب المعظم إلى
[1] ذكره بعضهم في كتاب له في المبادئ اللغوية . ( منه ( رحمه الله ) ) . [2] سورة فصلت : 44 .