والأظهر هو الأول ، إذ لو ثبت وضع اللفظ بإزاء ذلك المعنى لما صح التخلف ، ضرورة قضاء الوضع بصحة استعمال اللفظ فيه في جميع المقامات من غير اختصاص ببعض الصور دون بعضها ، كما هو الحال في سائر الألفاظ الدائرة في الاستعمال . وقد يورد عليه : أن في الحقائق أيضا ما لا يطرد استعماله في الموارد ولا يصح اطلاقه على كل من مصاديقه مع وجود المعنى فيه ، كما في إطلاق " الفاضل " عليه تعالى وإطلاق " السخي " عليه وإطلاق " الأبلق " على غير الفرس مع حصول المعنى فيه وإطلاق " القارورة " على غير الزجاج وإطلاق " الدابة " على غير ذات القوائم إلى غير ذلك . ويدفعه : أن المنع من الإطلاق في الأولين شرعي فلا مانع من الإطلاق بحسب اللغة ، والاطراد إنما يلحظ بالنسبة إليها . على أنه قد يمنع المنع منه بحسب الشرع أيضا ، إذ قد ورد في بعض الأدعية إطلاق " الفاضل " عليه تعالى وورد فيه أيضا : " يا ذا الجود والسخاء " مخاطبا إياه تعالى . مضافا إلى ما قد يقال بعد تسليم عدم الإطلاق عليه تعالى في اللغة أيضا : من أن " الفاضل " : هو العالم الذي من شأنه الجهل ، والسخي : هو الجواد الذي من شأنه البخل ، فعدم إطلاقهما عليه تعالى من جهة انتفاء المعنى بالنسبة إليه تعالى ، والمنع من إطلاق " الأبلق " على غير الفرس لاختصاص مفهومه بها ، فإنه الفرس ذات اللونين ، أو نقول أنه خصص بها في العرف بعد أن كان للأعم فهو منقول عرفي كما هو الحال في الأخيرين ، إذ لا اختصاص لهما لغة بما ذكر ، واطراد الاستعمال حاصل فيهما بالنسبة إليها ، وعدم اطرادهما إنما هو بحسب العرف ، فهو فيهما دليل على المجازية في المعنى الأعم بحسب الاستعمالات العرفية لا أنه ناقض لدلالته على المجازية . وربما يورد عليه أيضا بلزوم الدور ، فإن العلم بعدم الإطراد متوقف على العلم