العرف عن استعمال اللفظ وعدم استهجانه في المخاطبات ، وذلك أمر يختلف بحسب اختلاف المقامات وليس له قاعدة مطردة في الاستعمالات ، ولذا ترى أنه يصح استعمال " القرية " في أهلها في قولك : " اسأل القرية " ولا يصح في قولك : " جلست القرية أو باعت القرية أو آجرت القرية " ونحوها مع وجود تلك العلاقة بخصوصها ، وكذلك يقال : " أعتق رقبة " ولا يقال : " مات رقبة أو نام رقبة " ويطلق اليد على الانسان في نحو قوله : " على اليد ما أخذت " ولا يقال في سائر المقامات إلى غير ذلك مما يظهر بملاحظة موارد استعمال المجازات ، فيختلف الحال في جواز الاستعمال بملاحظة الخصوصيات الحاصلة في موارد الاستعمالات فالإطراد من اللوازم المساوية للحقيقة وعدمه من اللوازم المساوية للمجاز ، فالأول يدل على الحقيقة والثاني على المجاز من باب دلالة اللازم المساوي على ملزومه . ويرد عليه : أن المجاز وإن لم يستلزم الإطراد في الاستعمالات إلا أنه قد يطرد سيما إذا كانت العلاقة في كمال الوضوح وكان الارتباط بين المعنى المجازي والحقيقي في غاية الكمال كما في استعمال " الأسد " في الشجاع ، فإنه يصح استعماله فيه مطردا على نحو استعمال اللفظ الموضوع لذلك من غير فرق سوى ذكر القرينة المعتبرة في المجاز ، وحينئذ فيكون الإطراد لازما أعم بالنسبة إلى الحقيقة فلا يدل عليها ، لوضوح عدم دلالة اللازم الأعم على خصوص ملزومه ، وهذا هو حجة القول الآخر المانع من دلالته على الحقيقة ، فيقال : إن الإطراد كما يوجد في الحقيقة يوجد في المجاز فلا يصح جعله علامة للحقيقة ، لما تقرر من اعتبار الإطراد في العلامة . وقد يجاب عنه بأن الإطراد في المجازات إنما يكون في آحاد منها على سبيل الندرة فلا ينافي حصول الظن المطلوب في باب الأوضاع ، والإطراد المعتبر في العلامة إنما يعتبر في أمثال المقام بالنظر إلى الغالب ، نظرا إلى إفادته الظن المكتفى به في مباحث الألفاظ . وقد يمنع الغلبة المدعاة ، فإن معظم المجازات المشتملة على المشابهة