العام ، ويدل عليه عمل العلماء خلفا عن سلف بالعمومات وسائر الظواهر على النحو المذكور حتى يثبت المخرج بطريق شرعي ، كيف ! ومن المسلمات بينهم حجية استصحاب العموم حتى يثبت التخصيص واستصحاب الظاهر حتى يثبت التأويل ولم يخالف فيه أحد من القائلين بحجية الاستصحاب في الأحكام والمنكرين له ، وقد حكوا الاجماع عليه من الكل كما سيجئ الإشارة إليه في محله إن شاء الله تعالى . والحاصل : أنه بعد قيام الحجة ودلالتها على شئ لا بد من الأخذ بمقتضاها والوقوف عليها حتى تقوم حجة أخرى قاضية بالخروج عن ظاهرها وترك ما يستفاد منها ، والظاهر أن ذلك طريقة جارية بالنسبة إلى التكاليف الصادرة في العادات من المولى لعبده والوالد لولده والحاكم لرعيته وغيرهم ، بل وكذا الحال في غير التكاليف من سائر المخاطبات الواقعة بينهم . وأما الثانية فلا يتجه فيها الاستناد إلى ظاهر الوضع ، أو الحجة في المخاطبات العرفية إنما هي ظاهر العبارة على حسب المفهوم في العرف والعادة ، فإذا قام هناك ما يرجح الحمل على المجاز لا بأن يرجحه على الحقيقة ، بل بأن يجعل ذلك مساويا للظهور الحاصل في جانب الحقيقة لم يحصل التفاهم بحسب العرف ، لتعادل الاحتمالين وإن كان الظهور الحاصل في أحدهما وضعيا وفي الآخر عارضيا فيلزم التوقف عن الحكم بأحدهما حتى ينهض شاهد آخر يرجح الحمل على أحد الوجهين ، إذ ليس انفهام المعنى من اللفظ مبنيا على التعبد وإنما هو من جهة حصول الظهور والدلالة العرفية على المراد والمفروض إنتفاؤها في المقام . ومن هنا ذهب جماعة إلى التوقف في المجاز المشهور ، فلا يحمل اللفظ عندهم على خصوص الحقيقة أو المجاز إلا بعد قيام القرينة على إرادة أحد المعنيين ، منهم المصنف ( رحمه الله ) في ظاهر كلامه في الكتاب كما سيجئ إن شاء الله . وقد خالف فيه جماعة فرجحوا الحمل على الحقيقة ، وآخرون فحملوه مع الإطلاق على المجاز .