يثبت دليل على اعتبارها ولو مع انتفاء المظنة ، لأن القدر الثابت هو حجية ما هو ظاهر مظنون بالنسبة إلى العالم بالاصطلاح وأما أزيد منه فلم يثبت ، فظاهر كلامه المنع من الحجية مع انتفاء المظنة . والظاهر من جماعة من الأصحاب البناء على الأصل المذكور مطلقا إلى أن يقوم دليل على خلافه ، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في طي المسائل . وفي كلام بعض الأفاضل أن التحقيق القول بلزوم العمل بظواهر الألفاظ إذا حصل الظن منها بالواقع وبإرادة المتكلم منها ظواهرها ، وأما مع الشك في ذلك فلا يجوز التعويل عليها إلا أن يقوم دليل على لزوم العمل بها من باب التعبد ، والقدر الثابت هو ما إذا عارضها ما يوجب الشك أو الظن بخلافها مما لم يقم دليل من الشرع على حجيته . والحاصل أن الأصل المنع من العمل بها بدون الظن إلا أن يقوم دليل على لزوم العمل من باب التعبد ، فيقتصر على مورد الدليل . قلت : والذي يقتضيه التحقيق في المقام : أن يقال بالفرق بين ما يكون باعثا على الخروج عن الظاهر بعد حصول الدلالة بحسب العرف وانصراف اللفظ إليه في متفاهم الناس ، وما يكون مانعا من دلالة العبارة بملاحظة العرف وباعثا على عدم انصراف اللفظ إليه بحسب المتعارف في المخاطبة وإن لم يكن ظاهرا في خلافه صارفا إليه عن ظاهره ، وقد ينزل عليه ما حكيناه عن بعض أفاضل المتأخرين من المنع عن الأخذ بالأصل المذكور إلا مع الظن بمقتضاه . وما حكيناه عن الجماعة من البناء على الأخذ به إلا مع قيام الدليل على خلافه ولو فرض إجراؤهم له في غير المحل المذكور فهو من الاشتباه في مورده ، كما يتفق كثيرا في سائر الموارد من نظائره ، وفي طي كلمات الأصحاب شواهد على التنزيل المذكور فيرتفع الخلاف في المعنى . وكيف كان ، ففي الصورة الأولى يصح الاستناد إلى ظاهر العبارة حتى يثبت المخرج ، ومجرد الشك في حصوله أو الظن الغير المعتبر لا يكفي فيه ، فلو شك في ورود مخصص على العام أو ظن حصوله من غير طريق شرعي وجب البناء على