والمستند إلى المستند إلى الذات مستند إليها . وأما الأخيران فلا استناد لهما إلى الذات بشئ من الوجهين المذكورين ، لوضوح عدم استنادهما إليها بلا واسطة وكذا مع الواسطة ، إذ المفروض استنادهما إلى الأعم من المعروض أو أخص منه ، ولا يمكن استناد شئ منهما إلى الذات نظرا إلى انتفاء المساواة . وقد يورد على ذلك أمور : أحدها : ما أشار إليه بعضهم من أن هناك قسما سادسا خارجا عن تلك الأقسام ، وهو ما يعرضه لأمر مباين له كالحرارة العارضة للماء بتوسط النار ، ولذا اختار صاحب القسطاس تسديس الأقسام ، وعد الأخير أيضا من العوارض الغريبة ، بل جعله أولى بالغرابة من الأولين ، فيكون كل من العوارض الذاتية والغريبة عنده ثلاثة . ورد ذلك بأن المراد بالوسط في المقام ما يقرن بقولنا ، لأنه حين يقال إنه كذا فلا بد وأن يكون الوسط محمولا عليه ، فلا يتصور أن يكون مباينا ، ولحوق الحرارة للماء في المثال المفروض ليس بتوسط النار بالمعنى المذكور ، بل بواسطة المماسة أو المقاربة ونحوهما ، وهي من عوارض الجسم ولا مباينة لها للماء ، فهو راجع إلى أحد القسمين الأخيرين . وتوضيح ذلك : أن المراد بالعوارض - كما عرفت - هي المحمولات الخارجة ، وحينئذ فإن كانت تلك العوارض محمولة على موضوعاتها من دون ملاحظة حمل شئ آخر عليها أصلا كانت تلك العوارض عارضة لذات الموضوع ، وإن كان عروضها بواسطة حمل شئ عليها ، فذلك الشئ إما أن يكون داخلا في الموضوع أو خارجا عنه حسب ما فصلنا من الأقسام ، فلا يعقل أن يكون العروض بواسطة أمر مباين للماهية ، إذ من الواضح أن الأمر المباين غير مرتبط في نفسه بالمباين الآخر ، وإن لوحظ الانتساب الحاصل بينهما كانت الواسطة في الحقيقة هو الارتباط المفروض ، وهو مما يصح حمله على تلك الذات ، فالواسطة